فلسطينيات من قرية العراقيب في النقب بعد قيام سلطات الاحتلال بإزالة القرية، أمس
حملة إبادة تستهدف 60 بلدة فلسطينية في النقب..
رام الله :
إبادة. بهذه الكلمة يمكن وصف ما قامت به إسرائيل أمس في قرية العراقيب التي ترفض الاعتراف بوجودها في صحراء النقب. فقد هدمت جرافات الاحتلال نحو 40 منزلا ومنشأة من الصفيح في تلك القرية، وسوتها بالأرض، وشردت نحو 300 فلسطيني كانوا يقطنون فيها، حتى أنها لم تبق ألاشجار أو أية معالم للمكان، ودفنت كل ما هدمته في حفرة كبيرة لمنع استخدامه مجددا، وكأنها تقول: «لم يكن أحد يعيش هنا».
ظهر أمس، جاءت أكثر من 50 آلية عسكرية
محملة بما يزيد عن 1300 شرطي إلى قرية العراقيب غير المعترف بها في النقب، وباشرت بهدم بيوتها، وقد ووجهت بمقاومة عنيفة من الأهالي، لكنها لم تسفر عن شيء بالنسبة اليهم سوى أنهم أصبحوا مشردين جددا.
وقال المتحدث باسم لجنة الدفاع عن أراضي العراقيب عماد أبو فريح لـ«السفير»: « لقد اقتحموا القرية فجأة، هاجمنا آلاف الجنود وطردونا، ولم يبقوا على أي شيء من ممتلكاتنا». وأضاف «فور ذهابهم بدأنا نفكر كيف سنبني القرية، وكيف سنستخرج الركام من الأرض ونعيد بناءها، فنحن لن نستسلم». مشيرا إلى أنه تم نصب خيام داخل مقبرة القرية لإيواء النساء والشيوخ والأطفال الذين تم تشرديهم. وكان سكان القرية طالبوا مرارا عبر المحاكم الإسرائيلية الاعتراف بقريتهم وهو ما رفضته إسرائيل، التي زعمت أنّ سكان القرية يمتلكون منازل في مناطق أخرى، وأنه ليس هناك من داع لبقائهم في «ممتلكات عامة»، مؤكدة انها ستقوم بطرد أي شخص يعود إلى المكان.
من جهته، قال عباس زكور، وهو أحد قيادات الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر لـ«السفير» إن ما جرى هو «بدء تنفيذ مخطط إسرائيلي كبير لهدم نحو 60 قرية عربية في النقب لا تعترف بها إسرائيل، وذلك بهدف ضم سكانها إلى تجمعات كبرى واستبدالهم بالمهاجرين اليهود».
وأشار زكور، الذي كان قد تواجد في المنطقة، إلى أنّ «هناك خطة إسرائيلية واضحة لتهويد النقب والجليل، وإخلاء كل العرب الذين فيها، وذلك لبناء مستوطنات إسرائيلية»، مضيفاً أنّ «الحكومة الإسرائيلية قلقة جدا من الزيادة في عدد السكان العرب في الداخل، وهي تستخدم كل الطرق لثنيهم عن التكاثر أو البناء، ونحن نشتم رائحة تهجير جديدة ربما إلى الدولة الفلسطينية التي يجري الحديث عنها».
وقال زكور إن إسرائيل «تسعى بوضوح لتهويد كل ما له علاقة بالتاريخ الفلسطيني العربي من خلال هدم بيوت، واعتقال قيادات»، مضيفاً «نحن نشعر بأن عدداً كبيرا من الدول التي تقيم علاقات مع إسرائيل توافق على هذا التوجه، وتريد أن يكون ثمن إقامة دولة فلسطينية على أراضي العام 1967 هو تهجير العرب من داخل إسرائيل، لتتحول الأخيرة إلى دولة يهودية خالصة».
بدورها قررت لجنة المتابعة العربية داخل الخط الأخضر بناء قرية العراقيب من جديد رغم تهديدات من إسرائيل باعتقال كل من يحاول «مخالفة القانون».
لكن زكور أوضح أنّ «هذه الخطوات وحدها لا تكفي، ما لم تقم الدول العربية والإسلامية بالتصدي لمخططات تهويد بلادنا، والوقوف في وجه المشروع الصهيوني الرامي إلى إلغاء وجود الفلسطينيين».
من جهته، قال الأمين العام لـ«الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة»، المحامي أيمن عودة، إن «أهل النقب مصرون على إعادة بناء قرية العراقيب، وجريمة هدمها لن تمر، وهي تعكس العقلية العنصرية الحاقدة».
وكانت إسرائيل وضعت خطة منذ سنوات لزراعة 1200 دونم في محيط قرية العراقيب بالأشجار بدعوى أنها ممتلكات عامة، وذلك بالرغم من أن أهالي القرية موجودون فيها قبل احتلال صحراء النقب، التي تبلغ مساحتها 14 ألف كيلومتر مربع، ويشكل البدو العرب القسم الأكبر من سكانها، وعددهم نحو 380 ألف نسمة.
تعليقات: