عبد المنعم يوسف يشرح لوزير الاتصالات شربل نحاس عن بعض أعمال أوجيرو
الكابل البحري مقطوع... ووقف الخط البري يثير الشكوك..
بين سعي وزير الاتصالات شربل نحاس إلى وضع هيئة أوجيرو تحت الرقابة المالية للوزارة، ورفض رئيس مجلس الإدارة المدير العام لأوجيرو عبد المنعم يوسف التجاوب مع نحاس، انقطعت الاتصالات بين صيدا وبيروت، لتكشف سلسلة من الفضائح، ليس أقلّها كشف الاتصالات بين بيروت وصيدا أمام الخروق الأمنية الإسرائيلية
في 13 تموز الماضي تبلّغ رئيس مجلس إدارة هيئة أوجيرو ومديرها العام بالوكالة والمدير العام للاستثمار والصيانة في وزارة الاتصالات عبد المنعم يوسف، عبر كتاب أُرسل من وزير الاتصالات شربل نحاس، أنه «في 31 تموز ينتهي العمل بعقدي الصيانة والتوصيلات» اللذين كانا يُمدّدان لعشرات السنين بين الوزارة وهيئة أوجيرو... في 20 تموز توقفت الاتصالات توقفاً مطلقاً وبصورة مفاجئة وغامضة بين مناطق الجنوب وبيروت، لتُكشف الفضيحة: الاتصالات بين الجنوب وبيروت كانت تمر عبر الكابل البحري منذ عام 2006، على الرغم من الاحتمالات الواسعة التي تشير إلى إمكان خرق إسرائيل لهذا الكابل، وبسهولة! أما السبب فهو أن الكابل البري الذي انقطع إبان العدوان الإسرائيلي في تموز 2006 لم تشغّله هيئة أوجيرو، على الرغم من إصلاحه، ولأسباب مجهولة أيضاً!
الترابط بين كتاب نحاس وانقطاع الكابل البحري، والترابط بين عدم صيانة الكابل البري وإصلاحه منذ عام 2006 واستخدام الكابل البحري طوال 4 سنوات، تخفي حقائق من الصعب وضعها في إطار «حسن النيّة»، لا بل تستدعي تحركاً باتجاه مجلس إدارة هيئة أوجيرو نتيجة هذا التقصير الكبير المقصود أو غير المقصود، الذي لا يمكن أن يُحلّ في الدول المتحضّرة إلا باستقالة أعضاء مجلس إدارة أوجيرو ومحاسبة المسؤولين عن فضيحة كهذه!
حاول نحاس أن يضمّن مشروع موازنة عام 2010 مادة تجيز للوزارة إبرام عقود تفصيلية مع هيئة أوجيرو، تتضمن تبيان الكلفة الفعلية لكل عمل أو نشاط تكلّفها به الوزارة. وهذا ما عدّه رئيس الحكومة سعد الحريري محاولة لمنع خصخصة قطاع الاتصالات. وقال الحريري حينها إن «شبكة الاتصالات مهددة بالانهيار التام». إلا أن نحاس كان قد عمل على إيقاف عقدي الصيانة والتوصيلات اللذين كانا يُجدّدان سنوياً بين الوزارة والهيئة، إضافة إلى إيقاف ما يعرف بـ«المساهمة المالية»، وهي عبارة عن التحويلات المالية التي كانت ترسلها الوزارة إلى أوجيرو لتغطية أجور العاملين والمستخدمين والملحقين، من دون أي تدقيق في كيفية إنفاقها، وتتألف من 100 مليار ليرة يضاف إليها 5% سنوياً. ولتنسيق العلاقة بين الوزارة والهيئة، أرسل نحاس إلى يوسف، بصفته «المدير العام للاستثمار والصيانة في الوزراة» (مع ما توحيه هذه الصفة من تبعية المدير العام المباشرة لقرارات الوزير)، كتاباً في 6 أيار الماضي يدعو فيه إلى إقامة صيغة عقد الإطار الجديد للعلاقة بين الوزارة والهيئة، وإرسال الهيئة إلى الوزارة بياناً شهرياً بالنفقات الفعلية موزّعة حسب قطاعات الأعمال وحسب أبواب الكلفة، اعتباراً من 1 حزيران الماضي... فلم يتلقَّ نحاس أي جواب على هذا الموضوع.
وفي 13 تموز الماضي، أبلغ نحاس المدير في الوزارة عبد المنعم يوسف انتهاء عمل عقدي الصيانة والتوصيلات اعتباراً من 31 تموز، وطلب من يوسف في الكتاب نفسه، بصفته مديراً للاستثمار والصيانة، أن يوعز إلى الهيئة (التي يرأسها) إبلاغ جميع المستخدمين والعاملين فيها «بوضوح لا لبس فيه» أن مستحقاتهم مقدسة في كل الأحوال، وأن الوزارة لن تتردد في اتخاذ التدابير اللازمة لحصول جميع المستخدمين والعاملين على أجورهم كاملة من دون تأخير. وطلب بأن تعمل الهيئة على أن تحوّل إلى الوزارة جميع العقود الموقعة التي كان من المفترض أن توقّع أصلاً باسم الدولة اللبنانية لكونها المستفيد الفعلي من هذه العقود والمالك الوحيد للحقوق الناجمة عنها...
يوسف لم يستجب لطلبات الوزير، فأرسل في 7 تموز كتاباً إلى وزير الاتصالات يبلغه فيه أن الهيئة ستتوقف عن أعمال الصيانة والتصليح وتوصيل الخدمات إلى المستهلكين، بذريعة نفاد مخزون المعدات لديها، فردّ نحاس بأن عقود أوجيرو السابقة كانت لا تزال سارية المفعول حتى بداية شهر تموز 2010، وبالتالي، «من المستغرب نفاد المخزون خلال الأيام السبعة اللاحقة لانتهاء العقود»... وتشير مصادر مقرّبة من يوسف إلى أن الأخير استشار محامين للبحث في قضية بعض بنود إطار العقد الذي يقترحه نحاس، ورأى أنه يحتاج إلى تعديلات في قانون وزارة الاتصالات ونظام المستخدمين في أوجيرو، وقد أبلغ يوسف الوزير نحاس هذه التعديلات بعد 3 أشهر من طلباته المستمرة!
وبدلاً من أن يلتزم يوسف بما ورد في كتاب نحاس من حيث إبلاغ الموظفين الاطمئنان إلى صرف رواتبهم، أثار أجواءً في أوجيرو تدّعي أن الإجراءات التي يقترحها نحاس تضع رواتب الموظفين في خطر. وانطلاقاً من تأثيره على نقابة موظفي أوجيرو، حاول يوسف إدخالها في صراع مع الوزير، وخصوصاً أن غالبية أعضاء مجلس النقابة ينتمون إلى 14 آذار... ولإحباط محاولات يوسف، حوّل نحاس 35 ملياراً و145 مليون ليرة إلى الهيئة، مبلّغاً الإدارة أن أولوية صرف هذا المبلغ هي لرواتب الموظفين وشراء المواد والتجهيزات المطلوبة لتأدية المهمات المكلفة بها أوجيرو.
في ظل تمرّد يوسف، توقف فجأة الكابل البحري الذي يصل بيروت بصيدا في 20 أيار الماضي، ولم يبلّغ يوسف الوزير نحاس هذا الانقطاع. وبعد أن اكتشف نحاس المفاجأة صدفة، طلب تحويل الاتصالات إلى الكابل البري. وهناك كانت الفضيحة، فقد تبيّن أنه في حرب تموز تضرّر الكابل البري نتيجة القصف على جسر الدامور قبالة مسبح الجسر، وقد أعيد وصل الكابل في سياق ترميم الجسر واستخدمت بعض شعيراته للإنترنت حصراً. وفي عام 2009 رُفع الكابل على أعمدة بحجة عدم تمكّن المتعهد من القيام بأعمال التزفيت! وتبيّن أن معظم الشعيرات المتوافرة في الكابل البري غير صالحة للاستخدام، ما اضطر فرق التصليح إلى وضع وصلات بين نقاط متعددة لتأمين الحد الأدنى من الاتصالات.
وتؤكد مصادر مطّلعة في الوزارة أنه كان من المفترض أن تُحوّل الاتصالات إلى الكابل البري فور انتهاء الحرب مباشرة، لكون الكابل البحري معرّضاً بقوة للخرق الأمني من جانب إسرائيل، ما يستدعي طرح أسئلة جدية عن سبب عدم تحويل الاتصالات إلى الكابل البري، وعدم الكشف عليه طوال هذه السنوات!
أما المفاجأة الثانية فهي حين اتُّخذ قرار تحويل الاتصالات إلى الموجات الصغرى (ميكرووايف)، تبيّن أن محطة إرسال عبيه معطّلة كذلك منذ فترة غير معروفة، وأن أجهزة المايكروويف بحاجة إلى التجديد!
80 سنتيمتراً
هو العمق الذي يجب أن تحفر فيه مسالك الكابل البري تحت الأرض، فيما الذي حدث هو إبقاء الكابل البري لسنوات طويلة معلّقاً في الهواء، من دون إجراء أي تصليحات على الشعيرات المعطّلة فيه!
إهمال غير معقول!
تشير المصادر في وزارة الاتصالات إلى أن النتائج الأولية التي خرجت بها لجنة التحقيق تشير إلى أن الكابل البحري قد تعرّض للتلف في نقطتين، ما أدى إلى انقطاع 5 شعيرات من أصل 6 كانت تشغّل الكابل! وتلفت إلى أنه كان على أوجيرو إجراء كشف دوري على الكابل، لكونها تعلم أنه يُشغّل لتأمين الاتصالات منذ عام 2006، وأن عملية الكشف ليست معقدة أبداً، وتتعلق فقط بطرفي الكابل. وتشير المصادر إلى أنّ الكابل أُصلح عند الساعة الثالثة من صباح أول من أمس، وسيُعاد تشغيله إلى حين إتمام التصليحات الجذرية على الكابل البري.
تعليقات: