المرحومة الحاجة نعمة زريق (أم ابراهيم خليل قاسم عواضة).. رحمكِ الله يا أمّي!
لم تفارق مخيلتي، لا في نومي ولا في يقظتي، اللحظات الأخيرة التي أمضيتها إلى جانب والدتي وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة وتعاني من سكرات الموت!
إنه قدر ٌ محتوم، وسرٌ من أسرار الكون!
كل ّإنسان مهما علا شأنهُ، أو كان معدماً فقيراً،عالماً من علماءِ الكون، أكان َطفلا صغيراً، أو شاباً، أو كهلاً عجوزاً، قضى اللهُ ان تكون له ساعة ُأخيرة.
سر من حيث المكان والزمان ، وقد كتب العلماء والمجتهدون عن أهوال ِتلكَ الساعة ومدى صعوبتها، ووصف الأئمة مراحلها من بدايتها حتى نهايتها.
لا أدري كيف حدثت الصدفةُ بأن أكون شاهدة على هذهِ اللحظاتِ، وكيف تحوّل الخوف الذي في داخلي وأنا أسمِعُها شهادة الموتِ بصوتٍ مرتجفٍ ومهتزٍ وبصوتٍ عالٍ تكادُ الجدرانُ تنشقُ لسماعهِ، من أربعِ إلى خمس ِمرّاتٍ متتالية...
ولن أنسى المرة الأخيرة حين أسمعتها كنتُ قد تمالكتُ نفسي وأصبحتُ أكثر تقبلاً لواقع أنها راحلة لا محالة، وبإرادة الله أقرأتها وهي تردد ورائي بعد إسم كلِ إمام بزفرةٍ طويلة إحدى عشر مرّة حتى الإمام الأخير الإمام المهدي (عج) ومع الإمام الأخير كانت الزفرة الأخيرة أو الحشرجة الأخيرة ، عندئذٍ تقدمت أُختي وبمعرفتها أطبقت لها عينيها وفمها كي لا يبقيا مفتوحين لأن الميت يتجمد كما هو ويثلج جسمه، وهنا أصبح الجسدُ بلا روح وهنا علت الصرخة.
إنها النهاية ، فلم يعد لي أُم ، تدعو لي ولعائلتي بالتوفيق،
أم تسأل عني وعن أحوالي وعن أولادي ،أصبحت أما بلا أم!
وهنا تغيرّت الحياة ، وأضحت أكثر صعوبة.
رحمكِ اللهُ يا أمي وأسكنكِ فسيح جنانهِ.
فانا لم أنساكِ، ولن أنساكِ ،
ولا نسيتك ِ يوماً ،
فصورتكِ مطبوعةٌ في خيالي منذُ كنتُ طفلة وحتى تزوجت وأنجبت.
وكنت أجدك ِبجانبي ولكن ّ القدر لم ينصفك ِ...
أتمنى من اللهِ أن ينصفنا ونحضى جميعاً بالحنان والعطف، كما حضيت هي.
يا للعجب ، كيف يدور الزمن..
نكون أطفالاً وبحاجة للعطف والإهتمام والرعاية من أهلنا وعند الكبر تنقلب الأمور ونصبح نحن بحاجة لحنان وعطف أولادنا وهناك أناس كثر لا يدركون ما ينتظرهم.
سمعت عن كثير ٌمن الأهل لا يلقون الإهتمام المطلوب من أولادهم ،وهذا عكس مشيئة الله عندما أمرنا: وبالوالدين إحسانا. من خلال ما مررت به ،
إنها لحظة صعبة.. إنها اللحظة الأخيرة!
رحمكِ الله يا أمّي وأسكنكِ فسيح جنانهِ.
تعليقات: