طريف أن تفتتح نهارك بالمضحك المبكي, ولا ضير بهما حين يكونان سواء! طالعني أول الغيث دعاء:" ربّاه نسألك الرحمة في قلوب المسؤولين فقد ضاقت الأرض ومنعت السماء فلا ماء يا ربِّ ولا كهرباء!... وأتابع خطوي المتّئد فتنصت أذناي لوجع الشرفات المتراشق ودويّ الغضب المتراكم عقب ليل طويل من مكابدة الحرِّ والأرق, واستنفاذ الوسائل والمبتدعات العفوية في مواجهة سخط الطبيعة وسخرية السلطة ..
منصّة أفرغت جام غضبها على الزعماء المقاولين , قابلتها منصّة أخرى أعلنت خطاب الندامة على انتخاب من خابت الظنون بهم , وفي الشارع الملتهب بعبارات الشتيمة يتجمّع شبان الحيّ متأهبين لإعلان الثورة ..
علامة فارقة ولعلّها الأبرع في توصيف الحال كانت تلك اللافتة التي حملت كلمات :" أموّنة بعتلها جواب.. أموّنة ولا سألت بيّا "
كلمات تختصر كوميديانا السياسية, وتضفي على المشهد درامية ناجحة تضعنا أمام حقيقة لا مهرب منها, ملخصها أننا ولشديد الأسف نعيش في ظل حكومة "أموّنة"..
وأمام الحقيقة المرّة تستفزني اللافتة مجدداً فأردد معها باستفهام استنكاري مشمئز:" أمونة إيه الأسباب؟ أمونة متردي عليّا ؟!
ولكنَّ السلطة - باركها الله - شديدة التقوى فهي من حسن خلقها تترفع عن ردِّ الإساءة , ولا تكلّف نفسها عناء المواجهة , جلّ ما تملكه الإشارة إلى صيام الوصال فلن تتكلم اليوم شعبيا!..
وإلى أن يأذن مدفع الإفطار لولاة الأمر بالكلام, تبقى الأسئلة حائرة بانتظار الأجوبة, ويبقى الناس رهينة الواقع المرّ يستجدون حقوقهم من زمرة تربّت على الدلال والدّعة, ولم تذق يوماً مرارة الفقر والعوز, ولم تغز جلودها الطريّة مقاتلات البرغش ربما يأساً من شحيح دماء أو قليل حياء ..
الشيخ محمد قانصو
كاتب وباحث لبناني
Ch.m.kanso@hotmail.com
تعليقات: