حفل انطلاق أعمال تأهيل قلعة الشقيف برعاية السيدة رندا برّي


النبطية:

جرى اليوم اطلاق مشروع تأهيل قلعة الشقيف – النبطية، برعاية السيدة رندة عاصي بري وحضورها، وبمنحة من دولة الكويت عبر الصندوق الكويتي للتنمية الإقتصادية، في احتفال أقيم في الباحة الأمامية للقلعة.

حضر الاحتفال الممثل المقيم للصندوق الكويتي للتنمية الإقتصادية محمد صادقي، وزير الثقافة سليم وردة، النواب: علي بزي، هاني قبيسي، ميشال موسى، ياسين جابر وعبد اللطيف الزين، ممثل النائب أسعد حردان طلال أيوب، محافظ النبطية القاضي محمود المولى، رئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر، رئيس المجلس الوطني للاعلام عبد الهادي محفوظ، المدير العام لوزارة السياحة ندى السردوك، المدير العام للضمان الدكتور محمد كركي، رئيس المركز الكاثوليكي للاعلام الأب عبدو أبو كسم، رئيس دير مار أنطونيوس في النبطية الأب ناصيف باسيل، الرئيس الأول لمحاكم النبطية القاضي برنار شويري ووفود حزبية ورؤساء بلديات وشخصيات وفاعليات.

بعد النشيدين الوطنيين اللبناني والكويتي، ألقى رئيس اتحاد بلديات الشقيف الدكتور محمد جابر كلمة شكر فيها لدولة الكويت ولصندوق التنمية ولكل الوزارات والإدارات اللبنانية "الجهود التي بذلوها لإحياء هذا الأثر التاريخي الهام".

بدوره اعتبر صادقي "أن مساهمة الكويت ودعمها لمثل هذه المشاريع التراثية والثقافية تأتي من إيمان راسخ بأن هذا المخزون الثقافي في لبنان ثروة لا تنضب"، شاكرا الحكومة اللبنانية على "ثقتها بالصندوق الكويتي الذي سيكون أمينا وحريصا على بذل كل الجهود لتنفيذ هذا المشروع، على أن يحقق أهدافه"، وقال: "إن هذا المشروع يتعلق بإرث عظيم للامة ولهذا الشعب وهو مسؤولية كبيرة على الصندوق الكويتي كي يبرز هذا المعلم بشكل لائق ويستطيع ان يترجم سيرة الاجداد. ان مسؤولية ذلك سيحملها الصندوق الكويتي مع شركاء له في التنمية مثل مجلس الانماء والاعمار ووزارة الثقافة".

ورأى الوزير وردة "ان اسباب التأخير في عملية ترميم قلعة الشقيف تعود الى الظروف التي مر بها لبنان، لكن العملية تنطلق اليوم والامل كبير في انجاز الترميم والتأهيل في اقل من سنتين، لتعود القلعة معلما ثقافيا وسياحيا، وقبل كل شيء رمزا للصمود والتحرير".

ثم وجه وردة تحية للسيدة رندة بري على "الجهود التي تبذلها في مناطق الجنوب كافة على الصعد الثقافية والاجتماعية"، كما شكر "باسم لبنان صندوق التنمية الكويتي الذي يساهم بالحفاظ على المعالم التراثية الى جانب الدولة اللبنانية".

وكانت كلمة للسيدة بري جاء فيها: "بداية في ظهيرة هذا اليوم الرمضاني المفعم بالإيمان والعطاء والمحبة والصبر، أتوجه للحضور الكريم وللجهات الراعية لهذا المشروع الكريم ولأهلنا في الجنوب والنبطية بحلول هذا الشهر الفضيل شهر رمضان المبارك والذي يحمل الينا في هذا العام البشارة التي انتظرناها طويلا، والتي عملنا عليها في الجمعية اللبنانية للحفاظ على آثار وتراث الجنوب اللبناني على مدى عشر سنوات وبعيد التحرير مباشرة مع عدد من الجمعيات والأندية الكشفية والجمعيات الأهلية وإتحاد بلديات الشقيف، وهي أمنية ساهم في تحقيقها الصندوق الكويتي للتنمية الإقتصادية مع مجلس الإنماء والإعمار وبالتعاون مع وزارة الثقافة في لبنان وإتحاد بلديات الشقيف في بدء المرحلة الأولى من اعمال ترميم قلعة الشقيف التاريخية وبكلفة خمسة ملايين دولار، وسينفذ على مرحلتين تبدأ من اليوم، ونأمل مع إنتهاء المرحلة الأولى أن نكون وتكون وزارة الثقافة ونحن معها في تأمين بقية المبلغ الذي تتطلبه المرحلة الثانية من المشروع والمقدرة كلفتها حوالي مليون ونصف مليون دولار كي تكتمل صورة مشهد قلعة الشقيف، هذا الحصن اللبناني التاريخي الذي يختزن في حجارته وابراجه وأنفاقه جزءا كبيرا من تاريخ وذاكرة هذه الأرض وناسها، وتتخزن حكاية الصمود والمقاومة والشهادة والنصر".

وقالت: "قلعة الشقيف الشاهدة على التاريخ والارث الحضاري للبنان والتي تحطمت عند ابراجها كل المحاولات، وكان أكثرها همجية وغطرسة الحروب العدوانية الإسرائيلية التي تركت بصماتها واضحة على هذا المعلم الإنساني والتاريخي، واسمحوا لي في الاطار ان أذكر محطتين مرت بهما هذه القلعة.

المحطة الأولى كانت في الاسبوع الاول من حزيران عام 1982 اي في الاسبوع الاول من الإجتياح الإسرائيلي للبنان حيث آثرت وسائل الإعلام الإسرائيلية تعميم صورة لثنائي الحرب على لبنان حينها، مناحيم بيغن وشارون، وهما يقفان في ساحة هذه القلعة ويعلنان السيطرة واحتلال مساحات شاسعة من الجمهورية اللبنانية، ان سقوط هذه القلعة بما تمثله من موقع إستراتيجي على كتف الليطاني وبما تمثل من ارث حضاري كان يعني للمستويين السياسي والعسكري الإسرائيلي الكثير، لا سيما ان القلعة قبل سقوطها استهدفت بآلاف الأطنان من المتفجرات والقذائف والغارات الجوية. ورغم ذلك صمدت القلعة لايام قبل ان تسقط. الرسالة حينها كانت ان إسرائيل تريد ان تثبت انها قادرة على كسر إرادة التاريخ والجغرافيا.

اما المحطة الثانية وهي في العشرين من أيار 2000 قبل إندحار قوات الاحتلال الإسرائيلي عن ما سمي حينها بالشريط الحدودي المحتل. اعلنت إسرائيل حينها، نيتها او عزمها على تفجير القلعة، وبالفعل جرى تفخيخ العديد من اجنحة القلعة بالمواد المتفجرة تمهيدا لتدميرها بالكامل. حينها قمنا بأوسع حملة دولية شملت الأمين العام للامم المتحدة كوفي أنان والرئيس الفرنسي جاك شيراك ومنظمة الاونيسكو والعديد من المرجعيات الدولية ونجحنا في منع حصول هذه المجزرة الثقافية التي حاولت إسرائيل إرتكابها في غفلة من الوقت، لكنها عشية الإنسحاب استهدفت باحات القلعة والتلال المحيطة بها بعشرات الغارات الجوية".

اضافت: "اسرد هذه الوقائع والمحطات كي تبقى في ذاكرتنا التي لا يمكن ان تشيخ او تصدأ عن حقيقة ما يتهدد تراثنا وعن طبيعة العدوان الذي يستهدف ثقافتنا، ناهيك عن الإنتهاكات والجرائم الثقافية التي إرتكبتها إسرائيل بحق معالمنا الأثرية في الجنوب، وهي جرائم موصوفة بدءا من سرقة العديد من الكنوز والمقتنيات الأثرية في صور وحناويه وتدمير معالم قلاع شمع ودوبية وميس وغيرها. والشيء بالشيء يذكر. الاسبوع الفائت تم الكشف عن سرقة لوحة فنية من احد متاحف القاهرة للرسام العالمي فان غوغ، وقدر ثمن اللوحة المسروقة التي لا تتجاوز مساحتها بضع سنتمترات بخمسين مليون دولار، هي جريمة سرقة مدانة على كل المستويات. والسلطات المصرية زجت في السجون من تهاون في حماية هذه اللوحة وهذا إجراء طبيعي. بالله عليكم ما هي الأثمان التي يمكن ان تقدر بها قلعة الشقيف وسواها من المعالم الاثرية والتاريخية التي امعنت فيها إسرائيل سرقة وتخريبا؟ أليست السرقة سرقة سواء كانت للوحة رسام عالمي او للوحة معمارية هندسية بشرية تضافر على بنائها وحمايتها شعوب وأمم"؟

تابعت: "إننا وإياكم معنيون بالإستمرار في معركة الدفاع عن تراثنا وحضارتنا وقيمنا الإنسانية والتاريخية وعلى نتائج هذه المعركة تتوقف نتائج الصراع المفتوح مع إسرائيل. إننا وإياكم معنيون بخلق وعي جماعي حيال هذه الأمكنة المهمة والاستراتيجية في وطننا، ليس بما تمثل فقط من مجموعة حجارة وأعمدة وابراج وعقود هندسية ومعمارية، إنما بما تمثل ايضا من ابعاد إنسانية وثقافية وتاريخية ومعنوية. وفي هذا الاطار اسمحوا لي ان اتوجه بالشكر الجزيل للصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية الذي وجه كل جهوده الانمائية باتجاه علمي ووفق معايير تحقق التنمية المستدامة بكل ابعادها من دون اسقاط اي من عناوين التنمية التي يجب ان تستهدف البشر والحجر على حد سواء. وما تواجد الصندوق الكويتي بشخص ممثله المقيم الدكتور محمد صادقي كشريك اساسي ومحوري في هذا المشروع الحضاري دليل واضح على صوابية الرؤية التي اعتمدها ويعتمدها الصندوق الكويتي في مقاربته لمفاهيم التنمية ومؤازرته للبنان في عملية إعادة إعماره والنهوض به من اثار الحروب العدوانية الاسرائيلية وذلك تحت شعار الكويت ولبنان "سوا على الحلوة والمرة". ونأمل على المستوى الوطني اللبناني ان يمثل هذا النمط او النهج الانمائي الذي يتبعه الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية وسواه من الجهات الشقيقة من الاقطار العربية ومنها قطر والامارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وسوريا، انموذجا يقتدى به، وان نقلع في مقاربتنا في عملية التنمية عن سياسة الارتجال التي لا نحصد منها تنمية بالمعنى العلمي للكلمة إنما نحصد منها هدرا للوقت وقبل اي شيء هدرا للمال العام".

وجددت شكرها "باسم كل ابناء الجنوب وانديته الثقافية وهيئات مجتمعه المدني وفعالياته التربوية والشبابية والكشفية للصندوق الكويتي ولمجلس الانماء والاعمار ووزارة الثقافة واتحاد بلديات الشقيف على المحطة الانسانية والحضارية والتي نأمل ان تشكل نقطة البداية نحو الالتفات وإيلاء الشأن التراثي الاولوية في جدول إهتمامات الوزارات المعنية. فلتكن قلعة الشقيف هي البداية والبوصلة في روزنامة العمل الثقافي والتراثي على المستويين الرسمي والأهلي. وإلى اللقاء انشاء الله في حفل تدشين اعمال الترميم وإطلاق المزيد من المشاريع الثقافية".

والقى الجسر كلمة شدد فيها على "ضرورة تضافر الجهود بين القطاعين الرسمي والأهلي في لبنان في عملية إحياء التراث الثقافي بمختلف مكوناته، فمبتغانا هو صيانة هذه المواقع باعتبارها ذاكرة وطنية جماعية والإرتقاء بها كي تمسي عناصر داعمة ومحركة للاقتصادات المحلية". وشكر وزارة الثقافة ل"تعاونها الوثيق مع مجلس الإنماء والإعمار في مختلف مشاريع البنى التحتية التي ينفذها المجلس".

بعدها توجه الحضور لازاحة الستار عن اللوحة التذكارية لاطلاق المشروع.

اشارة الى ان كلفة مشروع تأهيل القلعة تبلغ 3 مليون دولار امريكي سوف يتكفل الصندوق الكويتي للتنمية بتمويل 70 بالمئة منها، على ان تتكفل الجهات الرسمية من مديرية الآثار ومجلس الانماء والاعمار بالمبلغ المتبقي، في حين سوف يستغرق التنفيذ مدة سنتين.



تعليقات: