يوم السابع من تموز الماضي، أوقفت السلطات السورية رجل الدين اللبناني المعمّم الشيخ حسن م، أثناء محاولته دخول الأراضي السورية، قاصداً المملكة العربية السعودية لأداء العمرة. كعادتها، أوقفته أجهزة الأمن السورية، من دون أن توضح أسباب توقيفه. ومنذ ذلك الحين، أثارت القضية جدلاً واسعاً في بلدة كفرصير التي يؤم الشيخ الصلاة فيها. وخارج البلدة، وضَعَ سياسيون وصحافيون قريبون من قوى 14 آذار التوقيفَ في خانة «العلاقات غير السوية» بين لبنان وسوريا. فالشيخ معروف بقربه من قوى 14 آذار، وهو عضو في «اللقاء العلمائي المستقل» الذي أطلق قبل نحو عام، كتجمع لرجال الدين الشيعة «المستقلين». كذلك، فإنه دائم الانتقاد لحزب الله. للوهلة الأولى، وُسم توقيفه بصبغة سياسية، وخاصة أن عائلة الشيخ وأصدقاءه حاولوا التحرّي عن أسباب التوقيف، من دون أن يأتيهم أي جواب شاف من الطرف السوري.
إلا أن عدداً من زوار دمشق الدائمين يؤكدون أن للتوقيف قصة أخرى. باختصار، يجزم هؤلاء «بأن توقيف الشيخ حسن م. مبني على الاشتباه في تعامله مع الاستخبارات الإسرائيلية». ويؤكد مسؤول أمني لبناني (محسوب على قوى 14 آذار) أن توقيف الشيخ حسن لا يحمل أي صبغة سياسية، وأنه مبنيّ على ملف أمني «شديد الحساسية».
وتلفت مصادر أمنية لبنانية إلى أن الموقوف، خلال التحقيق معه في سوريا، أقر بتعامله مع جهاز أمني أجنبي، وأنه حاول، خلال الفترة الأولى من التحقيقات التي خضع لها، التخفف من هذه التهمة، قائلاً إنه لم يكن يعرف أن الجهة التي يتواصل معها هي الاستخبارات الإسرائيلية.
فرع المعلومات كان قد رصد اتصالات هاتفية مع مشغّلين إسرائيليّين
وفي السياق ذاته، أكدت مصادر أمنية لبنانية أن فرع المعلومات في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، بعد توقيف الشيخ حسن، أرسل إلى السلطات السورية ملفاً يتضمّن معطيات تلقي الضوء على اتصالات مشبوهة كان قد تلقاها الموقوف خلال السنوات الماضية. ففرع المعلومات كان قد أوقف قبل أشهر، ع. م.، شقيق الشيخ حسن م، بشبهة التعامل مع الاستخبارات الإسرائيلية. وقد استند فرع المعلومات إلى اتصالات هاتفية كان قد تلقاها ع. م. من أرقام هواتف أوروبية يستخدمها الإسرائيليون للاتصال بعملائهم في لبنان. ولأن الاتصالات المشبوهة كانت قد وردت إلى ع. م. قبل عام 2005، وبما أنه كان قد غادر لبنان بين عامي 2005 و2009، وبما أن ع. م. نفى أي صلة له بالاستخبارات الإسرائيلية، فقد أخلى القضاء سبيله، من دون توجيه أي تهمة له.
وفي الفترة ذاتها، يقول مسؤول أمني مطلع، استدعى فرع المعلومات أحد أبناء الشيخ حسن م، بسبب وجود اتصال وحيد بينه وبين رقم هاتف يتصل بالاستخبارات الإسرائيلية. ولم يتبيّن وجود أي شبهة بحق الشاب المستدعى، فأخلي سبيله أيضاً.
ملف العملاء إلى «التدويل»
في سياق آخر، أحال النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا، إلى الانتربول، مذكرة التوقيف الغيابية التي أصدرها قاضي التحقيق العسكري نبيل وهبة، بحق العميد المتقاعد غسان الجد في جرم التعامل مع العدو من أجل ملاحقته. ولفتت مصادر قانونية إلى أن جميع دول العالم الموقعة على نظام الانتربول باتت ملزمة بتوقيف الجد، وإخطار السلطات اللبنانية بذلك فوراً. إلا أن استرداده، بحسب المصادر ذاتها، بحاجة إلى متابعة حثيثة من السلطات اللبنانية، إذ إن بعض الدول قد تحاول التحفظ على تسليمه إلى لبنان، بذريعة أن القانون اللبناني يتضمّن عقوبة الإعدام. وكان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله قد كشف في مؤتمره الصحافي يوم 9 آب 2010 أن غسان الجد «يتعامل مع الاسخبارات الإسرائيلية، وأنه كان في منطقة السان الجورج في اليوم السابق لتنفيذ جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005».
من ناحية أخرى، أرسلت وزارة الخارجية والمغتربين الى بعثة لبنان الدائمة في مجلس الامن الدولي كتاب شكوى لبنانية ضد إسرائيل لتجنيدها عملاء لها في لبنان. وتضمّن الكتاب المؤلف من سبع صفحات، ملخصاً عن المعلومات التي وردت الى الخارجية من وزارات الداخلية والعدل والدفاع والاتصالات. وبحسب مصادر مطلعة فإن بعثة لبنان طلبت مناقشة الشكوى في جلسة مجلس الأمن التي ستعقد يوم 17 أيلول الجاري.
تعليقات: