حاييم وايزمان وإسرائيل بين التاريخ والجغرافيا

الدكتور غسان ملحم – أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية

ذهب البعض من البلد والمنطقة، في الآونة الأخيرة، إلى التقليل أو التخفيف من خطورة المشروع الصهيوني، بما فيه وجود وبقاء الكيان الإسرائيلي، أو الإستخفاف بهما! وقام البعض أيضًا بتجاهل المستجدات والمعطيات المستجدة، على أهميتها وخطورتها! وعمد البعض إلى التغافل والتعامي عن عدوان إسرائيل في لبنان، عودة إسرائيل لاحتلال جنوب لبنان، تدمير إسرائيل قوة سوريا، واستئناف واستكمال إسرائيل لاحتلال جنوب سوريا! كل هذا ليس بريئًا، ولا عفويًّا، ولا عبثيًّا. بعيدًا من السوريالية والسفسطائية، كل هذه المواقف غير معقولة، غير مبررة، غير مقبولة، بل مشبوهة، مرفوضة ومدانة! فإليكم شيئًا أو بعضًا من الواقع والحقيقة ما بين التاريخ والجغرافيا حول إسرائيل في قلب المشرق العربي!

حاييم وايزمان وفكرة المشروع الصهيوني

ربما يكون حاييم وايزمان ثاني أبرز شخصية صهيونية تاريخية بعد ثيودور هرتزل، يليهما ديفيد بن غوريون، وهو أول رئيس للوزراء في الكيان الإسرائيلي، كثالث شخصية على امتداد تاريخ الصهيونية. شارك وايزمان مع هرتزل في المؤتمر الصهيوني الأول في بال في سويسرا سنة ١٨٩٧. ثم أطلق لاحقًا أول دار عبرية للطباعة والنشر، كما أسس مركز وايزمان للعلوم وجامعة القدس العبرية. وترأس المنظمة الصهيونية العالمية مرتين اثنتين، من سنة ١٩٢٠ إلى سنة ١٩٣١ أولًا، ثم من سنة ١٩٣٥ إلى سنة ١٩٣٦.

كذلك، هو ترأس الوكالة اليهودية ابتداء من سنة ١٩٢٩. كذلك، شغل منصب رئيس مجلس الدولة المؤقت في الكيان الإسرائيلي سنة ١٩٤٨، قبل أن يتحول لمنصب رئيس ما يسمى دولة إسرائيل سنة ١٩٤٩، وحتى وفاته سنة ١٩٥٢. وعليه، هو بالتأكيد من الآباء المؤسسين لفكرة المشروع الصهيوني ولهذا الكيان اللقيط والقذر.

حاييم وايزمان وخريطة الكيان الإسرائيلي

من المفيد الإحاطة بمثل هذه الشخصية اليهودية بقصد الإضاءة على دورها الوازن والفاعل، بل الحساس، ضمن إطار المشروع الصهيوني وفي سياق تاريخ الحركة الصهيونية أيضًا.

لقد وضع حاييم وايزمان خريطة لهذا الكيان الإسرائيلي، وقام بإيداعها لدى البريطانيين، لكونهم وبوصفهم سلطات الإنتداب على فلسطين المحتلة. وهو قام بتداولها في الأروقة الدبلوماسية والكواليس الدولية، في محاولة منه لانتزاع الإعتراف والإقرار الدوليين من عصبة الأمم وقتذاك، بواسطة الإنتداب البريطاني، بماهية وكيان وحدود مشروع دولة إسرائيل على أرض فلسطين المحتلة، بل أكثر.

وقد تكون هذه الخريطة الجغرافية بمثابة الوثيقة التاريخية المرجعية الوحيدة، أو لنقل إنها من الوثائق التاريخية المرجعية النادرة، بخصوص ماهية، طبيعة، نطاق وحدود المشروع المتمثل والمتجسد في هذا الكيان الشاذ وغير الشرعي.

خريطة حاييم وايزمان وجنوبي لبنان وجنوبي سوريا

ما يعنينا هنا عند هذا الموضع وهذا المقام من ضمن هذا السياق، وما يعنينا الآن في هذا التوقيت، هو أن هذه الخريطة التي تعود إلى سنة ١٩١٩ وقبلها، والتي صارت تحمل إسم صاحبها، حاييم وايزمان، تشير إلى الحدود المصطنعة لمشروع الكيان الإسرائيلي، المصطنع وغير الطبيعي.

واللافت أن الخريطة، عندما رسمت الحدود لدولة الإحتلال الإسرائيلي، إنما صاغت كيان الإحتلال الإسرائيلي على مساحة أكبر وأوسع مما عليه اليوم، بحيث تتخطى وتتجاوز المجال الطبيعي والنطاق الجغرافي لفلسطين التاريخية إلى داخل شبه جزيرة سيناء في مصر من جهة الغرب ومن جهة الجنوب، الضفة الشرقية من نهر الأردن في الأردن، ومعها الضفة الغربية ضمنًا، من جهة الشرق، مرورًا لا انتهاء بجنوبي سوريا، أي منطقة القنطيرة، وفيها هضبة الجولان ضمنًا، وصولًا إلى جنوبي لبنان، من جهتي الشمال والشمال الشرقي!

وثيقة الخريطة التاريخية وخطة الخريطة الجغرافية

ما ورد في هذه الوثيقة التاريخية هو في غاية الخطورة لناحية الخطة الجغرافية للتوسع الإستيطاني. فكان لا بد من استحضار مثل هذه الخريطة من الذاكرة ومن الأرشيف. وعليه، ما تقوم به إسرائيل مؤخرًا وراهنًا، إنما هو حكمًا وحتمًا، تجسيد واقعي وحقيقي لخريطة وايزمان.

ليس صحيحًا أن الكيان الإسرائيلي لا حدود له! ليس صحيحًا أيضًا أن نفس هذا الكيان الإسرائيلي لا أطماع لديه في لبنان وفي بقية بلدان الجوار أو الطوق! هذا في ما يعنينا نحن. إن التوسع أو التمدد الإسرائيليين بداخل لبنان جنوبًا، كما بداخل سوريا جنوبًا أيضًا، من شأنهما أن يثيرا الشعور بالريبة والقلق والحذر. هذا على الأقل وبالحد الأدنى. وهما يستوجبان التحرك بسرعة وبعجالة لإنقاذ البلد والمنطقة – والمقصود هنا المشرق، بحسب الأدبيات السياسية – من براثن العدو الصهيوني وغياهب العدوان الصهيوني، الموصوف والمتحقق.

إن هذه الوقائع وهذه الحقائق ليست البتة ادعاءات زائفة وباطلة، ولا حتى مزاعم. كما أنها ليست من قبيل التضخيم، ولا التهويل، ولا حتى المبالغة أو الإفراط بالتركيز على تظهير وتبيين التهديد أو الخطر الصهيونيين.

لقد عادت إسرائيل لاحتلال جنوبي لبنان. ثم قامت إسرائيل باحتلال المزيد جنوبي سوريا. هي تجاهر بأنها تقوم بتغيير المنطقة. والخوف، كل الخوف، أن يصح فينا قول الشاعر في بيت الشعر: “قد أسمعت لو ناديت حيًّا؛ لكن لا حياة لمن تنادي”.

قناة المنار - قراءة الخبر من المصدر



كل المصادر

جريدة الأخبارروسيا اليومبي بي سيموقع التيارالوكالة الوطنية للإعلامقناة المنارموقع الضاحية الجنوبيةمجلة سيدتيGreenAreaصيدا أون لاينالجزيرةاللواءصيدا تي فيakhbar4allأرب حظهافينغتون بوستثقف نفسك24.aeقناة العالم الإخباريةسيدر نيوزموقع القوات اللبنانيةأنا أصدق العلمسبوتنيك

النشرة المستمرة