جوزفين جاريس كوكران: العقل المدبر لغسالة الأطباق من التصميم إلى البيع

لم تحصل جوزفين جاريس كوكران على شهادة تعليم رسمية في الهندسة الميكانيكية، ولكنها استطاعت تصميم غسالة أطباق حديثة وتصنيعها وتسويقها وبيعها.

كان اختراع جوزفين جاريس كوكران لغسالة الأطباق تلك الأول من نوعه، ففي ثمانينيات القرن التاسع عشر كانت المحاولات السابقة لغسالة الأطباق تستخدم المنظفات لغسل الأطباق، لكن غسالة كوكران كانت تنظف الأطباق بتقنية ضغط الماء.

وقد أسست كوكران شركتها الخاصة لتصنيع اختراعها وبيعه، واستمرت في تطويره ببراءات اختراع جديدة. وبعد وفاتها، استحوذت علامة KitchenAid التجارية على شركتها واستخدمت براءات اختراعها لتصنيع غسالات الأطباق وتسويقها.

أظهرت كوكران في الصحافة براعة تسويقية بتصوير نفسها كامرأة ثرية قد اخترعت لنفسها غسالة أطباق لأنها كانت متحسِّرة من كسر كثير من الخدم لخزفها الصيني الفاخر. ولكن طبقًا لسجلات التعداد السكاني، لم يكن لدى كوكران كثير من الخدم. وقد شجعت أيضًا التقارير التي تفيد بأنها حفيدة أحد مخترعي البواخر، مع إن مراسلاتها الخاصة أظهرت أنها تعلم عدم صحة ذلك.

ماذا نعرفه عن شخصية جوزفين جاريس كوكران؟

ولِدت جوزفين غاريس في مقاطعة أشتابولا بأوهايو، وذلك عام 1839 (حسب أخبار النعي أو 1841 (بحسب شهادة وفاتها). وفي عام 1858، تزوجت من ويليام أبسون كوكران، واستقرا معًا في شيلبيفيل، إلينوي. توفي زوجها ويليام عام 1883 وهي غارقة تمامًا في الديون، ومن المحتمل أنها بدأت في هذا الوقت العمل على غسالة أطباق.

كان والد جوزفين مهندسًا مدنيًا، إذ عمل مع المضخات وآلات الطحن، لكن جوزفين نفسها لم تمتلك تعليمًا هندسيًا رسميًا. ومن أجل بناء آلتها، استعانت بميكانيكي يُدعى جورج باترز. وفي عام 1886، حصلت على براءة اختراعها الأولى عن غسالة الأطباق من مكتب الولايات المتحدة للبراءات والعلامات التجارية.

بعد اختراع آلتها، شرعت كوكران في تصنيعها وبيعها، إذ حاولت استخدام شركتين بهدف تصينع آلتها قبل أن تقرر فتح مصنعها الخاص مع باترز بصفته رئيس للعمال. وقد أبدت كوكران في مقابلة عام 1912 مع صحيفة شيكاغو ريكورد هيرالد مدى أسفها على المشكلات التي واجهتها في عملية التصنيع في مرحلة مبكرة، وقالت:

«لم أتمكن من إقناع الرجال بإنجاز المَهام التي أريدها بطريقتي، حتى حاولوا وفشلوا بطريقتهم الخاصة؛ وكان ذلك مكلفًا جدًا بالنسبة لي. لقد كانوا يعرفون أنني لا أعرف شيئًا عن الميكانيكا من الناحية الأكاديمية، وأصروا على أن ينهجوا طريقهم الخاص في تنفيذ اختراعي حتى أقنعوا أنفسهم بأنفسهم بأن طريقتي هي الأفضل، بغض النظر عن كيفية وصولي إليها».

بيع جهاز جديد باهظ الثمن

لقد باعت كوكران اختراعها من خلال شركة جاريس كوكران لغسالة الأطباق، ومع إنها تمكنت من بيعه لبعض الأسر الثرية جدًا، فإن معظم المنازل لم تكن بها سِعة للماء الساخن اللازم لتشغيل غسالة الأطباق. وبالنسبة لبعض الأسر الأخرى، كان سعر الجهاز (الذي بلغ مئات الدولارات) باهظ الثمن بالنسبة لهم على الأرجح. وبسبب هذه الاعتبارات، باعت كوكران معظم غسالات الأطباق التي أنتجتها إلى الشركات التجارية مثل المطاعم والفنادق.

كانت تظهر كوكران نفسها بطريقة محددة جدًا في مقابلاتها العامة، ما يوضّح بدوره أن كوكران كانت بائعة ماهرة، إذ توجد أدلة تشير إلى عدم صحة كل القصص التي روتها للصحافة، وهذا بحسب ما قالته إيرين هيرالد، الأستاذة وعميدة المكتبات في جامعة فرجينيا كومنولث.

عندما كتبت هيرالد رسالتها لنيل درجة الماجستير في التاريخ عن كوكران، لاحظت ادعاءات غير معقولة. ففي المقابلة التي أجرتها مع صحيفة شيكاغو ريكورد هيرالد عام 1912، تقول كوكران إنها اخترعت غسالة الأطباق بعد أن سئمت من تكسير كثير من الخدم لخزفها الفاخر، لكن هيرالد لم تجد تسجيل لأي خدم في منزل كوكران في تعداد عام 1870، وفي تعداد عام 1880، كان هناك شخص واحد فقط مسجل بصفته خادم ومستأجر، بالإضافة إلى الأقارب الذين عاشوا مع كوكران. ولقد أخطأ المقال أيضًا في تحديد هُوية زوجها، إذ حسبه قاضيًا سابقًا مع إنه عمل كاتبًا في محكمة الولاية المتنقلة.

بالإضافة إلى الترويج للقصص التي رفعت من قدر ثروتها ووضعها الاجتماعي، لم تصحح كوكران تلك الادعاءات التي زعمت بأن جدها كان مخترع الباخرة جون فيتش. ومع إن من أجدادها كل من جون فيتش وجوزيف فيتش، فإن تحقيقاتها هي وقريباتها في هذا الادعاء أظهرت أن أيًا منهما ليس هو نفسه فيتش الذي اخترع الباخرة. ومع ذلك، فلقد سمحت للصحافة بالاعتقاد بأن هذا صحيح، إذ بدا هذا الارتباط إعلان جيدًا لعملها التجاري.

الاختراع يشق طريقه في السوق الجديد بعد الموت

أصاب هيرالد الإحباط لأن الأساطير التي روَّجت لها كوكران غالبًا ما تطغى على مساهماتها الحقيقية، إذ تقول:

«لقد كانت تلك المرأة مذهلة بقصتها الحقيقية، ولم تكن مخترعة فحسب، بل تطور دورها إلى أنها هي أيضًا المُصنعة، ومندوبة المبيعات، وأشرفت على التركيبات وحسَّنت اختراعها باستمرار ببراءات اختراع متعددة». بالإضافة إلى دعمها لكثير من الأقارب من الناحية المالية ومن ناحية تقديم الرعاية، وقد استخدمت عملها لدعمهم بعد وفاة زوجها.

انتقلت كوكران إلى شيكاغو عام 1890، وبعد مرور ثلاث سنوات، عرضت اختراعها في المعرض الكولومبي العالمي مع مخترعات أخرى، وفازت حينها بجائزة عن غسالة الأطباق الخاصة بها، وهكذا استمرت في العرض في المعارض في ماساتشوستس ونيويورك وميسوري. وعندما توفيت في شيكاغو عام 1913، كان لديها ست براءات اختراع أمريكية وبراءتي اختراع بريطانيتين باسمها.

بعد وفاة كوكران، تغير اسم شركتها وتغيرت ملكيتها أيضًا، ولقد ظلت غسالات الأطباق منتجًا تجاريًا في الغالب حتى وقت الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين، وذلك عندما تحوَّلت من مرحلة إسراف باهظ الثمن إلى جهاز منزلي شائع.

وقد استمرت طريقة ضغط الماء التي ابتكرتها كوكران على نفس طريقة تصميمات الغسالات السابقة، وما تزال شركة ويرلبول (التي استحوذت على كيتشن إيد في الثمانينيات) تعترف بمساهمتها حتى اليوم.

اقرأ أيضًا:

كيف يعمل التنظيف الجاف للملابس؟

الثورة الصناعية: كل ما يجب أن تعرفه عنها

ترجمة: ماريان رأفت الملاح

تدقيق: محمد حسان عجك

المصدر

The post جوزفين جاريس كوكران: العقل المدبر لغسالة الأطباق من التصميم إلى البيع appeared first on أنا أصدق العلم.

أنا أصدق العلم - قراءة الخبر من المصدر



كل المصادر

جريدة الأخبارروسيا اليومبي بي سيموقع التيارالوكالة الوطنية للإعلامقناة المنارموقع الضاحية الجنوبيةمجلة سيدتيGreenAreaصيدا أون لاينالجزيرةاللواءصيدا تي فيakhbar4allأرب حظهافينغتون بوستثقف نفسك24.aeقناة العالم الإخباريةسيدر نيوزموقع القوات اللبنانيةأنا أصدق العلمسبوتنيك

النشرة المستمرة