هل الأرق مرض نفسي؟

يعد النوم في غاية الأهمية للصحة العقلية، فهو يتيح للجسم إصلاح ذاته، ويمنح الدماغ فرصةً لترتيب معلوماته، إضافةً إلى أنه يفسح المجال لراحة الجهاز العصبي؛ بيد أن الأشخاص الذين يعانون الأرق لا يحصلون على هذه الفوائد، فهل يمكن عدّه مرضًا نفسيًا؟

يشير مصطلح الأرق إلى مواجهة الشخص صعوبة مستمرة في الخلود إلى النوم أو البقاء نائمًا، وهو مرتبط عادةً مع الاضطرابات النفسية، إذ لوحظ أن الحرمان الشديد من النوم قد يؤدي إلى ظهور بعض أعراض الأمراض النفسية أو يفاقمها، وذلك إلى جانب أن الاضطرابات النفسية قد تؤدي بدورها إلى الأرق.

هل الأرق علامة على المرض النفسي؟

ثمة علاقة معقدة بين الأرق والأمراض النفسية؛ إذ أشارت دراسة في عام 2018 إلى أن قرابة 50-80% من البالغين المصابين باضطرابات نفسية يواجهون صعوبةً في النوم أو البقاء نائمين في كل عام.

تنطبق العلاقة بين الأرق والأمراض النفسية في الاتجاهين؛ إذ قد يسبب الاضطراب النفسي الأرق، أو يؤدي الأرق إلى تحفيز أعراض اضطراب نفسي معين أو تفاقمها.

بيد أنه في معظم الحالات لا توجد علاقة سببية مباشرة بين الأرق والاضطرابات النفسية، وإنما نجد أن كليهما أعراض للمشكلة ذاتها؛ فعلى سبيل المثال، قد يؤدي عدم انتظام مستوى سكر الدم لدى مرضى النمط الثاني من مرض السكري إلى كل من الأرق والقلق.

قد يكون الأرق قصير المدى في بعض الأحيان حالةً منفردة، أو قد ينجم عن أسلوب حياة أو عمل معين، مثل المناوبة الليلية.

في معظم الأحيان تساعد سمات الأرق المميزة لدى المصاب وأعراضه الأخرى على تحديد تأثير اضطراباته النفسية في عدم قدرته على النوم، وقد يكون الأرق حالةً أولية أو ثانوية.

 ينشأ الأرق الأولي وحده دون تحفيز حالة نفسية أو طبية أخرى.  ينجم الأرق الثانوي عن مشكلات أخرى، مثل الاكتئاب أو اضطرابات الغدة الدرقية أو الربو. المشكلات الشائعة التي تصاحب الأرق:

فيما يلي بعض اضطرابات الصحة النفسية التي عادةً ما تُلحظ مع الأرق أو مشكلات النوم الأخرى:

 الاكتئاب: يعد الأرق عرضًا أساسيًا للاكتئاب، إذ أبلغ 90% من المشاركين المصابين باضطراب الاكتئاب الشديد في دراسة من عام 2018 أنهم يعانون مشكلات في النوم مرتبطة بالأرق. فضلًا عن ذلك، قد تزداد عرضة الأشخاص المصابون بالأرق إلى الاكتئاب أكثر من نظرائهم.  القلق: وجدت دراسة في عام 2020 أن نحو 36% من المشاركين الذين يعانون الأرق كانوا مصابين أيضًا بالقلق.  اضطراب الوسواس القهري: اكتشف دراسة سويدية في عام 2020 أن احتمال تشخيص الأرق لدى المصابين باضطراب الوسواس القهري أو إعطائهم دواء للأرق تزيد عن نظرائهم بسبعة أضعاف تقريبًا.  اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD): يمثل اختلال النوم عنصرًا جوهريًا في اضطراب ما بعد الصدمة، وقد يعزى ذلك إلى القلق أو الكوابيس التي يتعرض لها المصابون بهذا الاضطراب.  اضطراب تعاطي المواد المخدرة: قد يؤدي تعاطي المخدرات والثمالة والانسحاب إلى اختلال في أنماط النوم.  الفصام: تشير دراسة من عام 2012 إلى أن قرابة 80% من المصابين بالفصام يعانون اضطرابًا في النوم.  اضطراب ثنائي القطب: قد ترتبط اضطرابات النوم بالاكتئاب أو الهوس، إذ غالبًا ما توجد علاقة مباشرة بين الهوس في اضطراب ثنائي القطب وانخفاض الحاجة إلى النوم بدرجة حادة. أعراض الأرق الشائعة:

تتضمن الأعراض المميزة للأرق:

 صعوبة في الخلود إلى النوم.  الاستيقاظ قبل الأوان.  الشعور بالإرهاق أو النعاس في أثناء النهار.

أُضيف اضطراب الأرق إلى الإصدار الخامس من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5) بصفته اضطرابًا قائمًا بذاته، بعد أن صُنف على أنه اضطراب أولي وثانوي في الإصدار السابق.

وفقًا للإصدار الخامس من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية، يجب أن تستوفي أعراض الأرق الشروط التالية:

 أن تسبب اضطرابًا وظيفيًا أو خللًا ملحوظًا.  أن تستمر على الأقل ثلاث ليالٍ أسبوعيًا طوال ثلاثة أشهر على الأقل.

أشارت دراسة في عام 2016 إلى أن عواقب الأرق وخيمة، فقد يؤدي إلى ضعف الأداء في العمل والحوادث والاكتئاب، إلى جانب تدني جودة الحياة عمومًا.

عوامل خطر الأرق وأسبابه:

يختلف كل شخص منا عن الآخر، لذا فإن العوامل التي تؤدي إلى صعوبة النوم لدى المصابين بالأرق قد تكون متباينة من شخص إلى آخر، وتشير بعض الأبحاث إلى أن الأرق قد يكون أحيانًا وراثيًا، لكن مع ذلك لا يوجد جين محدد مرتبط بالأرق، وإنما توجد بعض العوامل الجينية التي تزيد تعرض بعض الأشخاص إلى الإصابة بالأرق.

قد يحدث الأرق أو يتفاقم بسبب العوامل التالية:

 اضطرابات الصحة النفسية.  الاضطرابات الطبية مثل انقطاع النفس الانسدادي النومي والأمراض القلبية الوعائية والسكري والربو والشقيقة.  الألم مثل ألم الظهر والألم العضلي الليفي والتهاب المفاصل.  المشكلات العصبية.  تعاطي المواد المخدرة.  تناول أدوية معينة.  الإجهاد.  جدول أعمال غير منتظم.

يصنف بعض الباحثين الأرق على أنه اضطراب فرط استثارة قد يحدث نتيجة التحفيز المزمن لاستجابة الجسم للتوتر، إذ يصل الكورتيزول والهرمون المنشط للقشرة الكظرية (ACTH) إلى مستويات أعلى لدى الأشخاص الذين يعانون الحرمان من النوم.

علاج الأرق:

قد تتضمن السبل العلاجية للأرق:

 دواءً منومًا.  العلاج المعرفي السلوكي (CBT).  ممارسة تمارين يومية.  علاج المشكلات الكامنة وراء الأرق.

أظهرت دراسة في عام 2018 أن علاج المشكلات النفسية -لدى الأشخاص الذين يعانون كلًا من الاضطراب النفسي والأرق- يساعد على تحسين النوم، إضافةً إلى أن علاج مشكلات النوم قد يؤثر إيجابيًا في علاج الاضطرابات النفسية أيضًا.

خلاصة القول:

الأرق هو اضطراب نومي يجعل المصاب غير قادر على الخلود إلى النوم أو البقاء نائمًا أو يستيقظ قبل الأوان، ويشعر المصابون بالأرق غالبًا بالإرهاق أو النعاس في أثناء النهار.

توجد علاقة معقدة بين الأرق والاضطرابات النفسية، وتوجد الكثير من العوامل التي تساهم فيها.

قد يؤدي الأرق إلى الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب أو يفاقمها والعكس صحيح، وذلك إلى جانب أن الأرق والاكتئاب كليهما قد يكونان من أعراض مشكلة واحدة مثل السكري أو الألم المزمن.

يعتمد اختيار الوسيلة العلاجية للأرق على أسبابه، فقد يصف الطبيب علاجًا يستهدف أعراض الأرق أو يعالج المشكلة المسببة له أو كليهما.

قد يؤدي الأرق أيضًا إلى تدني نوعية الحياة بدرجة كبيرة لدى المصابين به، لذا يستحسن استشارة طبيب متخصص لمناقشة العلاجات المتاحة لهم.

اقرأ أيضًا:

كيف تطفئ عقلك وأفكاره وتخيلاته وتخلد إلى النوم بسهولة؟

علاج الأرق باستخدام الميلاتونين، هل هو آمن أم خطر؟

ترجمة: رحاب القاضي

تدقيق: ميرڤت الضاهر

المصدر

The post هل الأرق مرض نفسي؟ appeared first on أنا أصدق العلم.

أنا أصدق العلم - قراءة الخبر من المصدر



كل المصادر

جريدة الأخبارروسيا اليومبي بي سيموقع التيارالوكالة الوطنية للإعلامقناة المنارموقع الضاحية الجنوبيةمجلة سيدتيGreenAreaصيدا أون لاينالجزيرةاللواءصيدا تي فيakhbar4allأرب حظهافينغتون بوستثقف نفسك24.aeقناة العالم الإخباريةسيدر نيوزموقع القوات اللبنانيةأنا أصدق العلمسبوتنيك

النشرة المستمرة