هل يقلب الاحتياطي الفيدرالي موازين الانتخابات الأمريكية بقرار خفض الفائدة؟

في خطوة متوقعة على نطاق واسع، أعلن الاحتياطي الفيدرالي في 18 سبتمبر 2024، خفض سعر الفائدة الأساسي بمقدار نصف نقطة مئوية ليصبح في نطاق 4.75% إلى 5%، وهو أول خفض لتكلفة الاقتراض منذ أربع سنوات. هذه الخطوة ليست فقط مؤشرًا على انتهاء معركة البنك المركزي ضد التضخم، بل تأتي في توقيت حساس قبيل الانتخابات الأمريكية، إذ تشكل الأوضاع الاقتصادية عاملًا حاسمًا في خيارات الناخبين.

ماذا يعني خفض الفائدة للاقتصاد الأمريكي؟

لطالما ركّز الاحتياطي الفيدرالي على تحقيق توازن بين هدفين رئيسيين: الوصول إلى تضخم مستقر عند 2%، والحفاظ على معدلات بطالة منخفضة. في الأعوام الأخيرة، كان الاهتمام الأكبر منصبًّا على كبح التضخم عبر سلسلة من رفع أسعار الفائدة، إذ ارتفعت الفائدة من 0.25% في أوائل 2022 إلى 5.5% بحلول سبتمبر 2024.

لكن يبدو أن قرار الخفض المفاجئ للنصف نقطة، بدلًا من ربع نقطة كما توقع البعض، يعكس مخاوف متزايدة بشأن سوق العمل. فمع أن البطالة تبلغ حاليًا 4.2%، فإن بيانات التوظيف الأخيرة أظهرت تباطؤًا دون التوقعات، ما أثار مخاوف بعض الاقتصاديين من أن الولايات المتحدة قد تواجه ركودًا في المستقبل القريب، إن لم تكن دخلته بالفعل.

من هنا، قد يُفهم أن صناع القرار في الاحتياطي الفيدرالي باتوا أكثر قلقًا إزاء البطالة مقارنةً بالتضخم. ولمّا كان البنك يشعر أنه قد انتصر في معركة التضخم، باتت الأولوية الآن لخلق استقرار في سوق العمل لتجنب الركود، خاصةً مع اقتراب الانتخابات الأمريكية.

هل حقق الفيدرالي هبوطًا ناعمًا للاقتصاد؟

يمكن القول إن الاقتصاد الأمريكي قد وصل الآن إلى ما يعرف بالهبوط الناعم، أي تباطؤ في النمو دون الوقوع في ركود. هذا السيناريو نادر للغاية في التاريخ الاقتصادي الأمريكي، إذ حدث مرة واحدة عام 1995، عندما اتخذ رئيس الاحتياطي الفيدرالي آنذاك، آلان غرينسبان، قرارات استباقية لرفع أسعار الفائدة، متجنبًا حدوث أزمة.

إذا كان هذا هو الحال الآن، فإن الفيدرالي قد حقق إنجازًا نادرًا في سياسته النقدية، إذ سيتباطأ الاقتصاد بما يكفي لكبح التضخم دون أن يؤدي ذلك إلى ركود حاد.

التأثير المتوقع على الأسواق المالية:

لا يعني خفض الفائدة عودة الأسعار إلى مستويات 2019، إذ إن ذلك سيتطلب انخفاضًا في الأجور وركودًا في الأسعار. مع ذلك، سيؤدي الخفض إلى إبطاء معدل التضخم، ما انعكس سريعًا في الأسواق المالية، فقد قفزت البورصات فور إعلان القرار، لكن سرعان ما فقدت بعض مكاسبها بنهاية اليوم.

بدأت بعض المؤشرات على انخفاض معدلات الفائدة المتعلقة بالقروض العقارية قبل القرار، مع توقع استمرار الانخفاض في الفائدة بعد الإشارة إلى تخفيضات مستقبلية إضافية. إلا أن القرار قد لا يكون إيجابيًا للجميع. مثلًا، المستثمرون في أسواق المال قد يرون فيه تحركًا سلبيًا يقلل من عوائد استثماراتهم.

هل يمكن اعتبار خفض الفائدة تحركًا سياسيًا؟

مع أن البعض قد يرى توقيت الخفض محاولة لمساعدة المرشحة الديمقراطية كمالا هاريس في حملتها الانتخابية، فإن البنك الفيدرالي يصر على أن قراراته تعتمد فقط على اعتبارات اقتصادية بحتة. تاريخيًا، لم تُوجه اتهامات خطيرة للبنك الفيدرالي بالتأثير في الانتخابات الأمريكية، باستثناء فترة إدارة الرئيس نيكسون، عندما اتُهم رئيس الفيدرالي آنذاك، آرثر بيرنز، بخفض الفائدة لدعم حملة نيكسون الانتخابية في 1972، ما أدى لاحقًا إلى تضخم مرتفع في الولايات المتحدة.

كيف سيؤثر القرار في الحملات الانتخابية؟

مع أن القرار قد لا يؤدي إلى تغيير كبير في شعور الناخبين بشأن الاقتصاد، فإن المرشحين سيحاولون توظيفه لصالحهم. سيحتفل الديمقراطيون بالقرار بعدّه دليلًا على نجاح سياساتهم في السيطرة على التضخم وتحسين الظروف الاقتصادية. من جانب آخر، قد يستغل الجمهوريون القرار لتوجيه انتقادات، زاعمين أن خفض الفائدة يعكس ضعفًا في الاقتصاد واعترافًا ضمنيًا من الفيدرالي بأن الولايات المتحدة قد تواجه ركودًا نتيجة لسياسات إدارة بايدن.

في ظل اقتراب الانتخابات الأمريكية، يؤدي الاقتصاد دورًا حاسمًا في تشكيل توجهات الناخبين. وبصرف النظر عن حقيقة دوافع الاحتياطي الفيدرالي، فإن خفض الفائدة سيظل ورقة رابحة في أيدي الطرفين خلال الحملة الانتخابية. في النهاية، ستبقى نظرة الأمريكيين للوضع الاقتصادي هي العامل الحاسم في توجهاتهم الانتخابية، وقد يكون لخيار الفيدرالي هذا تأثير يتجاوز الاقتصاد إلى السياسة نفسها.

اقرأ أيضًا:

ما سبب أزمة الأسهم التي حدثت مؤخرًا؟

هل تخفيض ميزانية التسويق يضر بالأعمال؟ دراسة جديدة تكشف الحقيقة

ترجمة: دياب حوري

تدقيق: نور حمود

المصدر

The post هل يقلب الاحتياطي الفيدرالي موازين الانتخابات الأمريكية بقرار خفض الفائدة؟ appeared first on أنا أصدق العلم.

أنا أصدق العلم - قراءة الخبر من المصدر



كل المصادر

جريدة الأخبارروسيا اليومبي بي سيموقع التيارالوكالة الوطنية للإعلامقناة المنارموقع الضاحية الجنوبيةمجلة سيدتيGreenAreaصيدا أون لاينالجزيرةاللواءصيدا تي فيakhbar4allأرب حظهافينغتون بوستثقف نفسك24.aeقناة العالم الإخباريةسيدر نيوزموقع القوات اللبنانيةأنا أصدق العلمسبوتنيك

النشرة المستمرة