بيننا جدار..

بيننا جدار.. Faika.Mazraani Sat, 11/01/2025 - 07:08 "الإنسان داخلنا مقابل الموظف فينا" كنا في الماضي نُكرِّر الدعوةَ إلى ضرورةِ الفصلِ بين الحياةِ الشخصيَّةِ والمهنيَّةِ، وهذا صحيحٌ من جانبٍ، وخاطئٌ من جانبٍ آخرَ. صحيحٌ أن الفصلَ مطلوبٌ كيلا ننقلَ مشكلاتنا الخاصَّةَ إلى العملِ، ومع أننا كنا نتحدَّثُ عن هذا المفهومِ نظرياً أكثر من تطبيقه فعلياً، لكنْ هذا ليس جوهرَ المشكلة. المشكلةُ أننا بالغنا في الفصلِ حتى حرمنا أنفسنا من العفويَّةِ، من السماحِ لذواتنا أن تمتدَّ عبر المساحتَين. وضعنا فاصلاً بين حياتَين، يُفترَضُ أنهما تنتميان إلى الشخصِ ذاته. لكنْ ماذا يعني ذلك؟ أن نتوقَّفَ عن كوننا بشراً؟ هل الموظَّفُ كائنٌ مختلفٌ عن طبيعته الإنسانيَّة؟ أعتقدُ أننا في حاجةٍ لإعادةِ تعريفِ معاييرِ الاختيارِ في العملِ، فمن الجميلِ أن نعرفَ الإنسانَ على طبيعته، وأن نراه في بيئته، كما يتصرَّفُ في حياته اليوميَّةِ شرطَ أن تنسجمَ هذه الطبيعةُ مع قيمِ المكانِ الذي ينتمي إليه مهنياً. المسؤوليَّةُ، لا تقعُ على الفردِ وحده، بل على المنظَّمةِ أيضاً بأن تختارَ من يجمعُ بين الكفاءةِ والصدقِ الإنساني، لا مَن يجيدُ الاجتهادَ فقط والمثاليَّةَ المهنيَّةَ في أداءِ ما يُكلَّفُ به. أن تختار مَن يحملُ قيماً حقيقيَّةً، تجعلُ اجتهادَه ذا معنى. من الطبيعي أن تختلفَ السياقاتُ، لكنْ هذا لا يُلغي أن الشخصَ ذاته هو هو، مشاعرُه، أفكارُه، طريقتُه في التعاطي مع الأمورِ، والانفعالُ، والنقاشُ، والفعلُ وردُّ الفعلِ، وحتى المنافسةُ والعطاءُ، كلّها لا تُصطَنعُ، ولا تُستَعارُ، بل هي نابعةٌ من حقيقته، فماذا لو كانت هذه الحقيقةُ عدائيَّةً مع موظَّفٍ مجتهدٍ مثالي ورائعٍ بنتائجه؟! من التجربةِ أقولُ: أقربُ أصدقائي اليوم، هم مَن تعرَّفتُ عليهم في عملي الأوَّلِ عامَ 2015. كانوا زملاءَ، ثم أصبحوا أصدقاءَ حقيقيين، بل تجاوزوا حتى أصدقاءَ الطفولةِ، أولئك الذين عرفوني قبل أن أعرفَ نفسي. أتذكَّرُ أوَّلَ يومِ عملٍ لي، كنت أكرِّرُ ما أسمعه: لن تكونَ لي صديقاتُ عملٍ. سأحافظُ على حدودي. لكنْ ما هي هذه الحدود، وأين تبدأ وأين تنتهي؟ اليوم، أصبحت تلك الفكرةُ يقيناً، يُشبهني. العملُ المتقنُ، لا يأتي من شخصيَّةٍ منفصلةٍ، أو متصنِّعةٍ، بل من روحٍ صادقةٍ، تتفاعلُ، وتمنحُ، وتحبُّ ما تفعل. الصرامةُ المُطلَقةُ قد تبدو منطقيَّةً لبعضِ المناصبِ، لكنَّها في هذا الزمنِ، أصبحت عبئاً. فالشخصيَّاتُ الجامدةُ، تحتاجُ إلى إعادةِ ابتكارٍ، لتنسجمَ مع طبيعةِ الوظائفِ التي تتغيَّرُ يوماً بعد يومٍ في شكلها ومتطلَّباتها. نحتاجُ إلى أن نكون أنفسنا. نُحبُّ، نحترمُ، نعملُ، نضحكُ، ونستمتع. حياتنا عملٌ، وإن لم نُحقِّق التوازنَ الكاملَ فعلى الأقلِّ، لنعش الحياتَين بحياةٍ واحدةٍ ممتعةٍ. الكاتب مها الأحمد  Publication Date Sat, 11/01/2025 - 07:08 مها الأحمد مقالات

مجلة سيدتي - مجلة المرأة العربية - قراءة الخبر من المصدر



كل المصادر

جريدة الأخبارروسيا اليومبي بي سيموقع التيارالوكالة الوطنية للإعلامقناة المنارموقع الضاحية الجنوبيةمجلة سيدتيGreenAreaصيدا أون لاينالجزيرةاللواءصيدا تي فيakhbar4allأرب حظهافينغتون بوستثقف نفسك24.aeقناة العالم الإخباريةسيدر نيوزموقع القوات اللبنانيةأنا أصدق العلمسبوتنيك

النشرة المستمرة