الجندي المجهول في الميادين وعين الدولة غائبة عنه – الديار



ربى ابو فاضل

هم في الحرب كما في السلم يوجدون في الساحات لإنقاذ الارواح رغم علمهم أن المقابل قد يكون أرواحهم، لم يتخلوا عن تحمل مسؤولياتهم وواجبهم الإنساني في كل الأزمات التي شهدتها وتشهدها البلاد، من حرائق وحوادث وانهيارات وكوارث طبيعية و “غير طبيعية” على كل الصعد في لبنان، حتى انهم تطوعوا لمهام إنقاذية خارج البلاد، إنهم عناصر “الجندي المجهول”، إن صح التعبير،عناصر الدفاع المدني، الذين لا يعرفون الكلل ولا الملل، يعملون بصمت على الدوام وسط أصعب الظروف.


فرق الدفاع المدني في لبنان واجهت تحديات غير مسبوقة خلال الحرب التدميرية التي شنها العدو الإسرائيلي على لبنان، وبعد إعلان وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ صباح الأربعاء الماضي، ما زال يواجه تلك التحديات التي تتعلق بجهود محفوفة بالمخاطر من أجل إنقاذ الأشخاص العالقين تحت الأنقاض بسبب القصف الهمجي من قبل العدو الإسرائيلي، فهذه الفرق كانت معتادة مواجهة الحرائق وتنفيذ عمليات إنقاذ خلال الكوارث الطبيعية وغير الطبيعية، أما اليوم فهي تعمل في بيئة خطرة نتيجة للغارات المكثفة من عدو لا يعرف الإنسانية.

المدير العام للدفاع المدني العميد ريمون خطار أكد “وجود نقص كبير في العتاد اللازم لحماية عناصر الدفاع المدني “مضيفاً “بالرغم من الصعوبات فإن عناصر الدفاع المدني لم ولن يتأخروا يوماً عن تلبية نداء الواجب الوطني والإنساني تماهياً مع الدور المنوط بهم والآمال المعقودة عليهم فكانوا وسيظلون دوماً في الصفوف الأمامية لإنقاذ الأرواح والممتلكات بما توفر لديهم من إمكانات.”

الجدير بالذكر أن الدفاع المدني يعاني، كما كل القطاعات في لبنان، منذ بدء الأزمة الاقتصادية التي ضربت البلاد في العام 2019، فهناك نقص في العتاد وصيانة الآليات وحتى أدوات الحماية الشخصية غير متوافرة حيث يضطر العناصر إلى استخدام الخوذ البلاستيكية عندما تصبح حياة العنصر عرضة للخطر، فمن منا لا يتذكر ذلك العنصر الذي توفي متأثراً بجراحه اثر انقلاب حائط قيد الانشاء داخل احدى الورش في منطقة بشري وذلك اثناء قيامه بإنقاذ أحد الجرحى، كما يستعمل العناصر الكمامات الطبية العادية، وهو ما يؤدي إلى استنشاقهم للانبعاثات ذات الرائحة الكريهة جراء غارات العدو الإسرائيلي.


وبحسب تقرير لصحيفة “التايمز” البريطانية “الدفاع المدني اللبناني يعاني من نقص حاد في المعدات الضرورية، فخلال العام الماضي وحده، تم تدمير 30 مركبة تابعة للدفاع المدني، بما في ذلك سيارات إسعاف وشاحنات إطفاء وآليات حفر”.

تجدر الإشارة إلى أنه رغم هذه المخاطر وقلة الإمكانات والمعدات المناسبة والدعم اللوجيستي ، شهد الدفاع المدني تدفقا للمتطوعين بحسب ما اشار إليه نبيه سلحاني، الذي يشرف على تدريب فرق الدفاع المدني، مضيفاً أن “الفرق المتطوعة تعمل دون أجر، إلا أن دوافعها الإنسانية قوية، فمع كل عنصر مدفوع الأجر في فرق الإنقاذ، فإن هناك 3 متطوعين يعملون مجانا لإنقاذ الأرواح، في أقسى الظروف”.

الخطر الذي يواجهه الدفاع المدني لا يقف عند حدود ضعف التجهيز، وإنما يتجاوزها إلى التهديد بالاستهداف المباشر أثناء أدائه لواجبه، وهو ما يشكل جريمة حرب وانتهاكا للقانون الدولي الإنساني الذي يقر الحماية للفرق الإغاثية والطبية والحماية المدنية، حيث قام العدو الإسرائيلي منذ 8 تشرين الأول 2023، باستهداف عناصر الدفاع المدني ومراكزه وآلياته، ما أدى الى سقوط 27 شهيداً و76 جريحاً، فضلا عن تعرض 32 مركزاً للتدمير الجزئي أو الكلي، وتدمير 45 آلية.


وأوعزت وزارة الخارجية والمغتربين لبعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك، بتقديم شكوى أمام مجلس الأمن الدولي رداً على استهداف إسرائيل المتكرر والمتعمد لعناصر الدفاع المدني أثناء أداء واجبهم الإنساني، ومنعهم من تنفيذ مهامهم ما يعرض حياة المدنيين لمزيد من الخطر، داعياً الدول الأعضاء في مجلس الأمن إلى اتخاذ موقف حازم بإدانة الاعتداءات الإسرائيلية على الدفاع المدني والمؤسسات الصحية والإغاثية في لبنان.

ورغم تلك التحديات، يبقى المتطوعون صامدين في وجه الخطر، يعملون بكل ما لديهم من إمكانات، “سنضحي بأرواحنا لنحميكم وسنبقى إلى جانبكم بالرغم من الظروف والتحديات ولن نترككم” بهذه الكلمات أكد أحد عناصر الدفاع المدني إصراره على العمل مضيفاً ، “الدفاع المدني مستمر إلى جانب الناس كما عاهدهم دائماً”.

في الخطوط الأمامية يواجه عناصر الدفاع المدني خطر الموت مندفعين لأداء مهامهم الإنسانية، فالفرق لا تزال تعمل في جميع أنحاء البلاد، أبطال شجعان يعملون بمعدات متواضعة ويواجهون تحديات غير مسبوقة،. ولم يتراجعوا يوماً عن تأدية واجبهم على الرغم من الإجحاف في حقوقهم، هذا ما أكده أحد عناصر الدفاع المدني ” سنواصل العمل في الساحات وسنكون حاضرين رغم المخاطر”مضيفا بحسرة ” وعدم التقدير”.


فعلى الرغم من تثبيتهم في ملاك الدولة لم يحصلوا على مستحقات تليق بهم وبعملهم الانساني، فالمكافأة المالية الشهرية التي أقرتها الحكومة اللبنانية في 27 حزيران 2023، ويستفيد منها أفراد الدفاع المدني بانتظار تصحيح الأجور، معلقة حتى الآن، أحد العناصر يسأل “لماذا كل القطاعات الرسمية تقاضت بدل الإنتاجية، فيما ينتظر الدفاع المدني إفراج الحكومة عنه؟”، مصدر في المديرية العامة للدفاع المدني أشار إلى “انتظار صدور مرسوم نقل الاعتماد علماً أن الادارة قد أعدت الجداول اللازمة، وسيتم صرفها فور إتمام الاجراءات الإدارية المطلوبة، فالروتين الاداري هو العامل الرئيسي الذي يعيق سير العمل في الادارة، وحصول العناصر على مستحقاتهم”.

اما بالنسبة إلى من استشهدوا من عناصر الدفاع المدني خلال الحرب الإسرائيلية العبثية على لبنان، فأكد المصدر إلى أن المدير العام العميد ريمون خطار أعطى توجيهاته للمختصين بتحضير الملفات لرفعها الى مجلس الوزراء لتخصيص مساعدة مالية لأهالي الشهداء كما يجري العمل وفقاً للقانون لضمان استحقاق كل عائلة لمعاش تقاعدي.

كل التضامن مع أبطال نذروا أنفسهم في سبيل تأدية رسالة إنسانية ووطنية بامتياز، أبطال أثبتوا أنهم الركيزة الصلبة التي يعتمد عليها الوطن في أحلك الظروف وأهل للثقة فتضحياتهم ستبقى محفورة في ذاكرة أبناء وطنكم دون أن نغفل عن شهداء الكارثة الكبرى في لبنان ” انفجار المرفأ” ، والسؤال هنا الذي يطرح نفسه أما آن الاوان لإنصاف هؤلاء الأبطال من قبل الحكومة اللبنانية؟

موقع التيار - قراءة الخبر من المصدر



كل المصادر

جريدة الأخبارروسيا اليومبي بي سيموقع التيارالوكالة الوطنية للإعلامقناة المنارموقع الضاحية الجنوبيةمجلة سيدتيGreenAreaصيدا أون لاينالجزيرةاللواءصيدا تي فيakhbar4allأرب حظهافينغتون بوستثقف نفسك24.aeقناة العالم الإخباريةسيدر نيوزموقع القوات اللبنانيةأنا أصدق العلمسبوتنيك

النشرة المستمرة