هل يقَع المحظور في أيلول أم يُعيد الجيش اللغم الى الحكومة؟ (محمّد حميّة)



(محمّد حميّة)

 

لا يُحسَد الجيش اللبناني على موقفه بعد قرارات الحكومة اللبنانية الأخيرة بتكليفه وضع خطة في 31 الجاري، وتقييده بمهلة لآخر السنة لتطبيقها، وكأن قدر الجيش أن يُنظّف "أوساخ" السياسة ويحمل ألغام قرارات الحكومات بيديه وصدره.
أخذ مجلس الوزراء ومعه الأطراف المتحاربة استراحة محارب حتى نهاية الشهر الحالي تحت عنوان "عطلة صيفية" في سابقة لم تشهدها الحكومات، لكن العين بقيت على الجيش المكلف بإعداد خطة خلال أسبوعين لكيفية حصر السلاح بيد الدولة وتقديمها الى مجلس الوزراء في جلسته مطلع أيلول.
هل سيلتزم الجيش بالمهلة الحكومية؟ وما طبيعة الخطة وهل ستبقى حبراً على ورق أم سيلتزم تنفيذها بحال أقرها مجلس الوزراء وطُلِب منه التنفيذ؟ وما التداعيات المحتملة؟.
يبدو أن عطلة الصيف وفق مصادر مطلعة "اجتهاد حكومي" لأخذ فرصة لالتقاط الأنفاس وفتح أبواب الحوار والتشاور على الخطوط الرئاسية ومع حزب الله في محاولة لاجتراح مخارج تقي لبنان شرّ القرارات الحكومية المستطير من جهة، ولا تكسر كلمة الحكومة أو تُعيد المناخ الدولي الحربي الذي سبق جلستي الثلاثاء والخميس من جهة ثانية.
وفي سياق ذلك استقطبت عين التينة لقاءين هامين لمحاولة احتواء الاحتقان السياسي والشعبي وتمهيد الأجواء للمرحلة المقبلة: الأول مستشار رئيس الجمهورية العميد ديدي رحال، والثاني مع قائد الجيش العماد رودولف هيكل.
الأول كان للتوضيح ورسائل العتاب بين الرئاستين الأولى والثانية وترطيب الأجواء ورأب الصدع وإعادة خطوط العلاقة التي لن تصل الى حدود القطيعة وفق مصادر معنية رغم عتاب عين التينة الشديد على بعبدا، لكن خطورة المرحلة المقبلة والمصلحة الوطنية تتطلب التواصل والتنسيق بين الرئاستين.
إلا أن أوساطاً وزارية تشير الى أن لا رجعة عن قرارات جلستي الثلاثاء والخميس والكرة في ملعب الجيش لوضع خطته وتبني الحكومة على الشيئ مقتضاه. ووفق مصادر موثوقة فإنه وخلال النقاشات المكثفة التي سبقت جلسات الحكومة لمحاولة ثنيها عن قراراتها، أبلغت مراجع رسمية لبنانية دبلوماسيين أميركيين وعرب أن أي قرار حكومة بحصرية السلاح قد يحمل مخاطر كبرى على تماسك الحكومة وعلى السلم الأهلي، فكان الجواب: "أنتم تتحملون المسؤولية".
اللقاء الثاني كان الأهم حيث رسم رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام قائد الجيش الخطوط الحمر الوطنية: رفض لعبة الشارع والتهجم على الجيش، وحدة المؤسسة العسكرية، منع الاصطدام بين الجيش والمقاومة. أما قائد الجيش فرسم أيضاً خطوط المصلحة الوطنية، عدم رفض قرارات مجلس الوزراء، لكن مع الحفاظ على التوافق ومقتضيات المصلحة الوطنية وعدم المس بالسلم الأهلي وحماية لبنان من العدوان الإسرائيلي، والأهم أن الجيش غير مستعد للاصطدام مع أي مكون لبناني سياسي أو طائفي.
ووفق مصادر مطلعة فإن الجيش سيُعيد اللغم الذي وضعته الحكومة بين يديه إليها، وذلك عبر الطلب من الحكومة توفير الإجماع أو التوافق بالحد الأدنى حول مبدأ حصرية السلاح وطبيعة خطة التنفيذ وحدودها وأخذ موافقة الطرف المعني أي حزب الله وحركة أمل، وسيرفض الجيش تقييده بمهلة قد لا يسمح الواقع الجغرافي والأمني والديموغرافي والسياسي بتنفيذها، لأن الجيش يحتاج الى تغطية دستورية وسياسية وشعبية للتطبيق الى جانب انسحاب إسرائيلي من الأراضي اللبنانية المحتلة، إذ لا يمكن أن يجول الجيش بين القرى والبلدات في شمال الليطاني وفي البقاع وفي الضاحية وبيروت بحثاً عن السلاح الذي لا يزال قوة للبنان ضد الخطر الإسرائيلي باعتراف المبعوث الأميركي توم براك، وهناك أرض لبنانية محتلة في جنوب الليطاني!. وبالتالي سيكون الجيش حاسماً بمسألة رفض زجه بمواجهة مع أهله وأبناء وطنه ورفاق السلاح ضد الاحتلال الإسرائيلي والإرهاب، وهو أي الجيش وقف على الحياد في ذروة الإنقسام السياسي في لبنان في مراحل سابقة، والمؤسسة الوحيدة التي لاتزال تشكل ضمانة ووحدة للبنان واللبنانيين.
وهل لدى الجيش في الأصل جهوزية وقدرة على تنفيذ خطة لنزع السلاح من يد المقاومة والفصائل المسلحة الأخرى؟ وكيف سيعثر على السلاح من دون خرائط واضحة؟ فأي خطة من دون التنسيق مع حزب الله والقوى المسلحة الأخرى على الأرض ستبقى في الإطار النظري، لا سيما وأن قرار الحكومة قانوني لكنه لا يتمتع بالشرعية الميثاقية، إلى جانب نقطة هامة تعرفها قيادة الجيش أن المقاومات في العالم لا تستمد شرعيتها من الحكومات، بل من شعبها طالما هناك احتلال أجنبي وبموجب ميثاق الأمم المتحدة واتفاقية جينيف 1949.
لذلك الحكومة مأزومة ووضعت نفسها أسيرة القرارات التي اتخذتها تحت الضغط الخارجي وبدلت الأولويات الواردة في خطاب القسم والبيان الوزاري واتفاق وقف إطلاق النار ومذكرة التعديلات اللبنانية على الورقة الأميركية لمصلحة ورقة أميركية صيغت بالحبر الإسرائيلي!، ولذلك منحت نفسها عطلة صيفية تبرر تعليق جلساتها الى الأول من أيلول بانتظار خطة الجيش.. فهل ستعقد الحكومة آخر جلساتها اليوم لتمرير مجموعة مشاريع قوانين ومراسيم ضرورية ومطلوبة من الخارج قبل تعليق جلساتها؟ لأن الثنائي حركة أمل وحزب الله لن يحضرا الجلسة المرتقبة في الأول من أيلول لمناقشة خطة الجيش، أم ستمضي الحكومة متسلحة بالدعم الخارجي والتغطية العربية بجلساتها وقراراتها من دون الثنائي على غرار ما فعلت حكومة الرئيس فؤاد السنيورة في العام 2008 وبالتالي تأخذ البلاد الى الانفجار الكبير؟.
من المُبكر الحكم على مسار الأمور حتى مطلع أيلول في ظل متغيرات يومية ومشاورات داخلية وإقليمية ودولية في ملفات المنطقة ومن ضمنها لبنان، وقد تضع قيادة الجيش خطتها "النظرية" وتُعيد اللغم الى الحكومة طالبة شروطاً لتطبيقها لا تستطيع الحكومة تلبيتها، وبالتالي تبقى خطة الجيش بيد وزير الدفاع الوطني مع وقف التنفيذ، إلا إذا قرر رئيس الحكومة ومن معه بتغطية خارجية أخذ البلد الى منزلقٍ خطير.

موقع التيار - قراءة الخبر من المصدر



كل المصادر

جريدة الأخبارروسيا اليومبي بي سيموقع التيارالوكالة الوطنية للإعلامقناة المنارموقع الضاحية الجنوبيةمجلة سيدتيGreenAreaصيدا أون لاينالجزيرةاللواءصيدا تي فيakhbar4allأرب حظهافينغتون بوستثقف نفسك24.aeقناة العالم الإخباريةسيدر نيوزموقع القوات اللبنانيةأنا أصدق العلمسبوتنيك

النشرة المستمرة