جمعية المصارف تحاول إلغاء العقد الجماعي: المصارف تنهش موظّفيها



 

فؤاد بزي -

تدور الوساطة التي تتولاها وزارة العمل بين نقابة موظفي المصارف وجمعية المصارف في حلقة مفرغة. فالوقاحة وصلت بأصحاب المصارف إلى عدم المشاركة في المفاوضات، وإرسال محام يمثّل الجمعية بدلاً من رئيسها أو أي عضو آخر فيها، إلى الجلسات التي تعقد برعاية وزير العمل محمد حيدر.

وهذا المحامي «ينفّذ مهماته بكلّ أمانة»، فيماطل، ويسوّف، ويضع جدول أعمال الجلسات محاولاً توجيه النقاش نحو أصل صحّة تمثيل نقابة موظفي المصارف للموظفين، بدلاً من التفاوض على بنود العقد الجماعي بكل ما فيها من رواتب وتعويضات وحقوق للعمال وصولاً إلى الاتفاق على بروتوكلات صرف جماعية.

ورغم الفوقية في تعامل المصارف مع موظفيها وممثّليهم، ورغم فشل جلسات الوساطة التي عقدت حتى الآن برعاية وزير العمل، إلا أن المفاوضات مستمرّة. فبالنسبة إلى نقابة موظفي المصارف تبدو الأمور «واضحة كل الوضوح»، إذ إن المصارف تسعى إلى «إلغاء عقد العمل الجماعي المعمول به منذ عام 1974» يقول رئيس نقابة موظفي المصارف إبراهيم باسيل.

فالأجواء المحيطة بالمفاوضات ليست سليمة. وبينما تدفع النقابة نحو مناقشة ورقتها المطلبية الثالثة التي قدّمت إلى الجمعية، وأساسها تعديل أجور الموظفين «تمارس الجمعية سياسة التدفيش، وتردّ جمعية المصارف في الشكل، وتطلب من النقابة إثباتات بأنّها تمثّل 60% من موظفي المصارف حتى توافق على التفاوض معها». ولسحب الذرائع من جمعية المصارف، بادر اتحاد نقابات العاملين في المصارف إلى جمع تواقيع المصرفيين لتأكيد حقّه في التفاوض مع جمعية المصارف، وأبرز التفويض لمحامي الجمعية.

وهنا، يصف باسيل هذا السلوك بأنه لا يخفي «مماطلة وبطش بلطجة، فالنقابة قامت بتعديل طلباتها حول ظروف عمل الموظفين والتقديمات التي يحصلون عليها 3 مرّات». ورغم هذه التراجعات «بقيت رسائلها لجمعية المصارف بلا أجوبة، وهذا ما يعلم به وزير العمل محمد حيدر». وفي مساعيها للضغط لتحصيل مطالبها، قامت نقابة موظفي المصارف بجولة على أصحاب المصارف بشكل فردي، إلا أنها فوجئت بأن أصحاب المصارف يناورون ولا يعبّرون بشكل صريح عن موقفهم الرافض لعقد العمل الجماعي خلافاً للمؤشرات الظاهرة من محامي الجمعية، وها ما يوحي بأنهم غير متفقين على هذا الهدف الذي يقوده «وحوش» الجمعية دوناً عن الآخرين.

في هذا السياق «طلب حيدر من محامي جمعية المصارف في الجلسة الأخيرة أجوبة واضحة عن لائحة المطالب، وعلّق حضوره في جلسات الوساطة إلى حين إرسال الجمعية لممثل لها»، بحسب باسيل، الذي يشير إلى أنه تم تحديد 23 أيلول المقبل موعداً لعقد جلسة إضافية من جلسات الوساطة. ولا يتوقع باسيل تجاوباً من المصارف التي تسعى إلى تأجيل المفاوضات برمّتها إلى ما بعد إقرار قانون «الفجوة المالية»، حتى يتسنّى لكل واحد منها القيام بالحسابات المتعلقة بالرسملة وبعقود الموظفين وكلفتها.

وبحسب رئيس اتحاد نقابات موظفي المصارف جورج الحاج، فإن «المطلوب إنهاء ملف عقد العمل الجماعي قبل نهاية العام، وهناك خطوط حمر لا يجوز لجمعية المصارف تخطّيها مثل إعادة النظر بتصحيح المنحة المدرسية، والحدّ الأدنى للأجر في القطاع المصرفي».

حتى الآن، هناك مصارف تدفع لموظفيها أجوراً بالليرة، قيمتها أقل من 500 دولار. لذا، تطالب النقابة بتحديد مبلغ 500 دولار كحدّ أدنى للموظف المصرفي الجديد الحامل للإجازة الجامعية، و800 دولار لصاحب الخبرة المصرفية.

كما تطالب النقابة بإضافة الزيادات الحكومية المقرّة على الحدّ الأدنى للأجور لجميع الموظفين، لا ترميم الأجر ليصبح مساوياً للحدّ الأدنى الجديد. ويشير باسيل إلى طلب تعديل منحة التعليم التي كانت تغطّي قبل عام 2019 نحو 70% من القسط المدرسي أو الجامعي.

لذا، تبغى النقابة من المفاوضات الوصول إلى تحديد قيمة منحة التعليم المدرسية، في المدارس الخاصة، بمبلغ 2500 دولار (علماً أن هناك مصارف سدّدت في السنة الماضية منحة تعليمية بهذه القيمة)، وفي المدارس الرسمية بمبلغ 300 دولار، وفي الجامعات الخاصة بمبلغ 4500 دولار.

كما تطالب النقابة بزيادة مساهمة المصارف في تغطية فروقات المعاينات والأعمال الطبية خارج المستشفى، والتعاون مع الصندوق التعاضدي لإيجاد نظام استشفائي لموظفي المصارف، والتصريح بالأجر المقبوض فعلياً مع ملحقاته للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

إلا أنّ مهلة المفاوضات ليست مفتوحة، بحسب الحاج، فالاتحاد سينتظر قرار الوسيط (وزارة العمل) على أن لا تتجاوز مهلة الرد نهاية تشرين الأول المقبل. وفي النتيجة، إما قبول الطرفين بمقترح الوسيط، أو فشل الوساطة، وعندها سيباشر الاتحاد بتحرّكاته التصعيدية إلى أن نصل إلى إعلان الإضراب، وهذا مشروع بالقانون، يقول الحاج.

«كل همّ جمعية المصارف هو الوصول إلى إلغاء العقد الجماعي»، بحسب باسيل. وعندها «يستطيع كلّ مصرف التحكم بموظفيه مثلما يريد». ولكن ما لا تريد جمعية المصارف الاعتراف به هو أهمية العقد لتحقيق الاستقرار المصرفي، إذ «يمثل ناظماً للعلاقة والحدود والواجبات تجاه كلّ من له علاقة مع المصارف، من مودعين وأصحاب مصالح وإدارات، وحتى المصارف المراسلة».

50% تراجع عدد موظفي المصارف

تطبق المصارف على موظفيها نفس السياسات التي تطالب بتطبيقها على موظفي القطاع العام لناحية خفض الأجور، وتحميل العاملين أعباء فوق طاقتهم بغية التخفيف من النفقات. وبسبب هذه السياسة، انخفض عدد العاملين في المصارف من 27 ألفاً و267 عاملاً في عام 2019، قبل الأزمة، إلى نحو 14 ألف عامل فقط في مطلع عام 2025. ويعود هذا الانخفاض أيضاً إلى تقليص المصارف عملياتها مع تحوّلها إلى «زومبي»، واقتصار التعاملات فيها على تحويل الأجور والرواتب إلى حسابات الموظفين، وتحويل الأموال اللازمة لتمويل الاستيراد. وهو ما أدّى إلى إقفال نحو 343 فرعاً مصرفياً، لتنخفض أعداد فروع المصارف من 1080 فرعاً في عام 2019، إلى 715 فرعاً في بداية عام 2024، وفقاً لما ورد على موقع جمعية المصارف الإلكتروني.
5 سنوات

هي المدة التي مضت على مفاوضات العقد الجماعي بين جمعية المصارف واتحاد نقابات الموظفين، وكانت الجمعية دائماً تماطل حتى لا تمنح الموظفين أي تصحيحات متّصلة بالأجر والتعويضات، فضلاً عن أن الاتحاد كان دائماً يعتمد على ما هو منصوص في العقد لجهة تمديده في غياب أي اتفاق جديد، لكن مزايا العقد لم تعد تتناسب مع الواقع الحالي بعد الانهيار النقدي والمصرفي

موقع التيار - قراءة الخبر من المصدر



كل المصادر

جريدة الأخبارروسيا اليومبي بي سيموقع التيارالوكالة الوطنية للإعلامقناة المنارموقع الضاحية الجنوبيةمجلة سيدتيGreenAreaصيدا أون لاينالجزيرةاللواءصيدا تي فيakhbar4allأرب حظهافينغتون بوستثقف نفسك24.aeقناة العالم الإخباريةسيدر نيوزموقع القوات اللبنانيةأنا أصدق العلمسبوتنيك

النشرة المستمرة