قطر ماذا بعد؟ (جبيب البستاني)



فيما كان موضوع القمة العربية-الإسلامية التي انعقدت في الدوحة للنظر في الاعتداء الآثم الذي تعرضت له العاصمة القطرية، يأخذ مداه من الشجب والاستنكار والإدانة، كانت إسرائيل تمعن في اعتداءاتها على القطاع وعاصمته غزة مخلفة ضحايا ودمار لم تشهده الحروب على مر التاريخ، بحيث أن عدد الضحايا تجاوز ال 65300 شهيد من المدنيين والأطفال والعجز وذلك منذ السابع من أكتوبر 2023. وفي الوقت الذي لم تخف فيه إسرائيل نواياها العدوانية وخطتها الرامية إلى محو غزة من الوجود وتهجير كامل أهلها، في عمليات عسكرية وصفها أكثر من سياسي ومسؤول بالإبادة الجماعية، فيما الولايات المتحدة تقف وحيدة للدفاع عن الدولة العبرية واستمرار إمدادها بالعتاد ومختلف أنواع الأسلحة الحديثة والأكثر فتكاً. ففي الوقت الذي قامت به معظم الدول حتى الغربية منها والحليفة للولايات المتحدة كفرنسا وإسبانيا وكندا وأستراليا والمملكة المتحدة التي لحقت بركب الدول المؤيدة لإنشاء دولة فلسطينية وذلك قبيل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثمانين. وبالرغم من التأييد العلني من الأكثرية الساحقة لدول العالم التي أعلنت تاييدها لإنشاء الدولة الفلسطينية وتبني حل الدولتين كمدخل للحل السلمي في الشرق الأوسط، فإن الولايات المتحدة لم تخفِ رفضها لهذا القرار معلنة تمسكها بحق النقض ال Veto وذلك للدفاع عن الدولة العبرية وتطبيقاً للمبدأ القائل "أُنصر أخاك ظالماً أم مظلوماً". ويوماً بعد يوم تظهر إسرائيل بمظهر القاعدة العسكرية المتقدمة للولايات المتحدة الأميركية، والتي تتولى تنفيذ سياستها في الشرق الأوسط ودول الخليج ولو كان ذلك بالحديد والنار.

خطة إسرائيل وضم فلسطين
بعد المواقف الدولية المؤيدة لإنشاء الدولة الفلسطينية، سارعت الولايات المتحدة للإعلان أن ذلك لايقدم ولايؤخر وأن هذا الأمر ليس له مفاعيل سياسية يمكن ترجمتها على أرض الواقع، وذهبت إلى اعتبار موقف حلفائها مجرد موقف "إستعراضي" لا أكثر ولا أقل، فالولايات المتحدة ما زالت تعتقد أن إطلاق الرهائن هي الأولوية المطلقة لديها وأنها لا تتصور وجود حماس في مستقبل غزة، وبحسب تصريح أكثر من مسؤول أميركي أنه لم يسمع بعمليات الإبادة الفلسطينية بل هي مجرد أقاويل، والشيء المهم والأكيد هو ما قامت به حماس في السابع من أكتوبر 2023 إبان عملية ما عرف ب "طوفان ألأقصى"، أما ما تبع ذلك فمجرد أخبار صحفية لا ترقى إلى مستوى الصدقية. أما نتنياهو فكان موقفه أكثر حزماً إذ إنه أعلن أن إسرائيل سترد بقوة على إعلان بعض الدول تأييدها لقيام دولة فلسطينية، وهذا الرد سيكون رداً عسكرياً وذلك بعد عودته من نيويورك. وبحسب ما تم تسريبه من قبل مصادر الدولة العبرية فإن إسرائيل ستقوم بالهجوم ليس فقط على غزة إنما على مدن الضفة الغربية في محاولة لضمها إلى إسرائيل الكبرى، ومع اضمحلال الضفة والقطاع فإن نشؤ دولة فلسطينية يصبح من رابع المستحيلات، وتصبح عندها الدولة الفلسطينية مجرد إعلان دولة على الورق لا حدود لها ولا جغرافيا. هكذا يبدو المخطط الإسرائيلي وكأنه سيضع كامل المنطقة على فوهة بركان، وكما قال رئيس أركان جيش العدو فإن العام المقبل سيكون "عام الحروب" بالنسبة لإسرائيل.
ماذا في المقابل
صحيح أن قمة الدوحة قد اكتفت بالإدانة والشجب والاستنكار، إنما هنالك دول عديدة تطالب بأكثر مما طالبت به قطر، من ضرورة اعتذار إسرائيل قبل استئناف الوساطة لحل مشكلة المعتقلين وإرساء وقف طويل لإطلاق النار. فهذه الدول استخلصت العبر الكبيرة والخطيرة من اعتداء إسرائيل على الدوحة، ومن هذه العبر أن الدولة العبرية بات لا شيء يردعها من شن هجمات على عواصم أخرى، وأن دولاً أخرى قد تكون في مرمى النيران الإسرائيلية سيما إذا كان تحقيق الأهداف التوسعية لإسرائيل يتطلب ذلك. فالأردن ومصر باتتا الدولتين المهددتين بالتوسع الإسرائيلي، لأنهما سيشكلان الملاذ الآمن للمدنيين الفلسطينيين الذين ستعمل إسرائيل على تهجيرهم القسري من القطاع ومن الضفة. كذلك فإن تركيا ليست بعيدة عن الأطماع الإسرائيلية، من هنا كان لجؤ أردوغان للمناورات العسكرية مع المصريين، أما الدول الإسلامية فليست بافضل حال، من هنا كان التحرك العربي باتجاه باكستان التي تمتلك قوة نووية لا بأس بها. فهل ستسمح الولايات المتحدة بوضع العالم على كف عفريت تحقيقاً لأحلام نتنياهو التلمودية في تحقيق إسرائيل الكبرى. وهل ستبقى الدول العربية "خيال صحرا" في حال بدأت رياح الحروب تهب على المنطقة؟. أسئلة كبيرة وخطيرة ينبغي الإجابة عليها، فإن بعد قطر ليس كما قبله وذلك بالرغم من عمليات ضبط النفس وضبط الإيقاع.

موقع التيار - قراءة الخبر من المصدر



كل المصادر

جريدة الأخبارروسيا اليومبي بي سيموقع التيارالوكالة الوطنية للإعلامقناة المنارموقع الضاحية الجنوبيةمجلة سيدتيGreenAreaصيدا أون لاينالجزيرةاللواءصيدا تي فيakhbar4allأرب حظهافينغتون بوستثقف نفسك24.aeقناة العالم الإخباريةسيدر نيوزموقع القوات اللبنانيةأنا أصدق العلمسبوتنيك

النشرة المستمرة