الأخبار: «الفزعة» الأوزبكية تربك حسابات الشرع



الأخبار: عامر علي-

يفشل هجوم قوات الشرع على المقاتلين الفرنسيين في إدلب في تحقيق أهدافه، كاشفاً هشاشة سلطته وتصاعد أزمة الثقة مع الفصائل الأجنبية وسط ضغوط غربية متزايدة.

 

بالتزامن مع انعقاد جلسة في مجلس الأمن الدولي، حول الأوضاع في سوريا، حاصرت قوات تابعة للسلطات الانتقالية مخيّماً صغيراً تتحصّن فيه مجموعة من المقاتلين الأجانب من الجنسية الفرنسية، في ريف إدلب، وذلك بحجّة متابعة شكوى تتعلّق باختطاف طفلة فرنسية. وسرعان ما تطوّر الأمر إلى اشتباكات عنيفة تدخّلت فيها فصائل أجنبية عديدة، قبل أن تنتهي الاشتباكات بـ«الاحتكام إلى المحكمة الشرعية»، بوساطة مقاتلين «أوزبك».

 

واستعملت القوات التابعة للسلطات الانتقالية، في أثناء هجومها، أسلحة خفيفة ومتوسطة، في محاولة لاقتحام المخيم الذي يضمّ نحو 150 مسلّحاً فرنسياً، يقودهم الجهادي المصنّف على لوائح الإرهاب الفرنسية، عمر أومسين (عمر ديابي)، متحصّنين ضمن منطقة مسوّرة ومجهّزة بكاميرات المراقبة. وفي المقابل، أطلق المسلّحون الفرنسيون سلسلة من التسجيلات المصوّرة، يطلبون عبرها عون «المهاجرين» (في إشارة إلى المقاتلين الأجانب)، الأمر الذي دفع مقاتلين من الجنسية الأوزبكية، إلى التدخّل ووقف القتال، ليتمّ طيّ الصفحة بشكل عاجل، وتغييب أخبار المخيّم عن وسائل الإعلام الرسمية في سوريا، وحتى تلك التي تؤيّد السلطات الانتقالية.

 

وفي أثناء الهجوم، أصدرت وزارة الداخلية بياناً منسوباً إلى قائد الأمن الداخلي، في محافظة إدلب، العميد غسان باكير، وصف فيه الفصيل الفرنسي بأنه «مجموعة مسلّحة خارجة عن القانون بقيادة المدعو عمر ديابي»، مبرّراً تنفيذ العملية بأنها «استجابةً لشكاوى أهالي مخيم الفردان، في ريف إدلب، بشأن الانتهاكات الجسيمة التي تعرّضوا لها، وآخرها خطف فتاة من والدتها».

 

وتابع: «سعت قيادة الأمن الداخلي إلى التفاوض مع المتزعّم لتسليم نفسه طوعاً إلى الجهات المختصّة، إلا أنه رفض، وتحصّن داخل المخيم، ومنع المدنيين من الخروج، وشرع بإطلاق النار واستفزاز عناصر الأمن وترويع الأهالي، ما يؤكّد أنه يستخدم المدنيين كدروع بشرية، وتقع على عاتقه كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية، عن أي تهديد لسلامتهم».

 

وفي محاولة لامتصاص غضب الفصائل الأجنبية في سوريا، والتي يبدو أنها استشعرت الخوف، نظّم ناشطون مؤيّديون للسلطات حملة إعلامية تهدف إلى طمأنة تلك الجماعات.

 

ونشر أحمد زيدان، المستشار الإعلامي للرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، عبر حسابه على موقع «إكس»، سلسلة منشورات دافع فيها بأنّ العملية التي تنفّذها القوات الحكومية، ليست لكون المستهدفين بها مقاتلين أجانب، وإنما «لإصرارهم على عدم الامتثال لسلطة القانون»، وأضاف: «هذه المعاملة نفسها سيواجهها السوري لو فعل الأمر نفسه». وفي مقابل ذلك، تمّ تداول تصريحات منسوبة إلى جبريل، ابن ديابي، اعتبر عبرها ما جرى هجوماً على «المهاجرين»، وأنّ الشرع، اتفق مع الفرنسيين على ذلك في أثناء زيارته إلى باريس.

 

من جهتها، تحدّثت مصادر مطّلعة، إلى «الأخبار»، عن أنّ القوّات التابعة للسلطات الانتقالية واجهت مقاومة عنيفة من قبل الفرنسيين، إضافة إلى تدخّل الأوزبك، ما دفعها إلى التفاوض. وأضافت أنّ مقاتلين فرنسيين قطعوا الطريق على تلك القوات، وتمكّنوا من السيطرة على أسلحة خفيفة ومتوسّطة، بالإضافة إلى آليّتين عسكريّتيين، الأمر الذي يكشف عن حجم القدرات التي يتمتّع بها عناصر المجموعة، التي تقول السلطات الفرنسية، إنّ أومسين، وهو سنغالي الأصل ويحمل الجنسية الفرنسية، مسؤول عن تشكيلها. وكان أومسين، ترك فرنسا، إثر سجنه فيها بجرم السرقة، وقام بتجنيد نحو 80 بالمئة من المقاتلين الفرنسيين الموجودين في سوريا، بحسب ما تقول باريس.

 

ولا تعتبر هذه المواجهات مع المجموعة الفرنسية سابقة بالنسبة إلى «هيئة تحرير الشام» التي تسيطر على الحكم في سوريا؛ إذ قامت «الهيئة» في العام 2020، بسجن أومسين، لنحو عامين، في أثناء سلسلة عمليات شنّتها على فصائل أجنبية في إدلب، قبل أن يتمّ الإفراج عنه بوساطة من مقاتلين أجانب، تعهد خلالها قائد «الغرباء» بالالتزام داخل مخيّمه الصغير الذي حوّله إلى «دويلة بأحكام خاصة يضعها هو بنفسه»، ولا تتدخّل السلطات فيها أبداً.

 

وتحمل الحادثة الأخيرة رسائل مباشرة إلى مجلس الأمن الذي يناقش ورقة أميركية، تهدف إلى شطب اسم الشرع، ومسؤولين في حكومته من قائمة الإرهاب، وتحظى بدعم روسي، وسط محاولة لاستمالة الموقف الصيني، لمنع بكين، من استعمال الفيتو ضدّها؛ كما تمثّل أول مواجهة مباشرة مع مقاتلين أجانب في سوريا، بعد جملة من الاحتكاكات والاعتقالات التي طاولت شخصيات محدّدة، بعضهم وجّهت إليهم تهم بالتشدّد، إثر ظهورهم في تسجيلات مصوّرة توثّق ارتكابهم انتهاكات، أو رفعهم شعارات مؤيّدة لتنظيم «داعش».

 

كذلك، تكشف الواقعة عن حجم المشكلة التي يسبّبها المقاتلون الأجانب، الذين تحاول السلطات التعامل معهم على دفعات، عن طريق دمج ما تسمح واشنطن، بدمجه ضمن هكيلية وزارة الدفاع (سمحت الولايات المتحدة بدمج المقاتلين الإيغور)، وشنّ هجمات مدروسة ضمن أوقات محدّدة على مجموعات أخرى، في محاولة لفرط عقدها بشكل تدريجي.

 

وقوبل هذا التكتيك، هذه المرة، بردّة فعل كبيرة من قبل فصائل أخرى تتمتّع بحضور وازن (الأوزبك)، ويبدو أنها استشعرت الخطر، ما يعني أنّ أزمة المقاتلين الأجانب ستبقى، في المدى المنظور، بؤرة جاهزة للاشتعال، في ظلّ وجود قوى مؤيّدة للأجانب ضمن صفوف المقاتلين المحلّيين الذين يشكّلون العمود الفقري لقوات السلطات الانتقالية، والتي تعتمد في سيطرتها على البلاد على هيكلية فصائلية لا مؤسّساتية.

 

في غضون ذلك، أعلنت بريطانيا، التي أدّت دوراً محورياً في تعويم «هيئة تحرير الشام»، شطب «الهيئة» من قائمة الإرهاب، في ما قالت إنه يهدف إلى «توسيع التعاون مع الحكومة السورية الجديدة في مهمّة مكافحة تنظيم داعش». وتتّسق هذه الخطوة مع ما قامت به الولايات المتحدة في تموز الماضي، عندما قامت بشطب «الهيئة» من قوائمها الخاصة للإرهاب؛ وهي تأتي في سياق دعم المشروع الأميركي، المقدّم إلى مجلس الأمن، لشطب اسم الشرع، وعدد من مسؤوليه من القوائم الأممية، بما يتيح له مساحة حركة أوسع، علماً أنّ الرئيس الانتقالي يضطر، منذ وصوله إلى السلطة نهاية العام الماضي، إلى الحصول على استثناء من مجلس الأمن، في كل مرة يجري فيها زيارة خارجية.

موقع التيار - قراءة الخبر من المصدر



كل المصادر

جريدة الأخبارروسيا اليومبي بي سيموقع التيارالوكالة الوطنية للإعلامقناة المنارموقع الضاحية الجنوبيةمجلة سيدتيGreenAreaصيدا أون لاينالجزيرةاللواءصيدا تي فيakhbar4allأرب حظهافينغتون بوستثقف نفسك24.aeقناة العالم الإخباريةسيدر نيوزموقع القوات اللبنانيةأنا أصدق العلمسبوتنيك

النشرة المستمرة