حقّ المنتشرين في مهبّ المصالح: هكذا انقلبت القوات على الدائرة ١٦!- ربيع مسعد



منذ إقرار قانون الانتخابات النيابية رقم ٤٤/٢٠١٧ شكّل بند الدائرة ١٦ خطوة نوعية في مسار إشراك اللبنانيين المنتشرين حول العالم في الحياة السياسية والوطنية، فقد نصّ القانون صراحة على تخصيص ستة مقاعد نيابية تمثّل القارات الستّ يُنتخب أعضاؤها مباشرة من المنتشرين اللبنانيين المسجّلين في السفارات والقنصليات، بحيث يكونون صوت الانتشار في البرلمان اللبناني ويجسّدون الرابط القانوني والدستوري بين لبنان المقيم ولبنان المغترب

إلّا أنّ هذا الحقّ الذي يُعتبر من أهمّ مكتسبات المنتشرين عاد اليوم إلى دائرة الجدل بفعل انقلابٍ سياسي واضح من بعض القوى التي كانت في طليعة من صاغ وبارك هذا القانون، وفي مقدّمها حزب القوات اللبنانية، فبعد أن تبنّت القوات علناً مبدأ الدائرة ١٦ وروّجت له كإنجاز للتمثيل العادل نجدها اليوم تستنفر، ومعها بعض القوى الأخرى، في محاولة مكشوفة لتعطيل هذا البند وحرمان المنتشرين من حقّهم الطبيعي في اختيار ممثّليهم المستقلّين عن دوائر الداخل

هذا التحوّل المريب يطرح علامات استفهام عدّة، فكيف لحزبٍ شارك في إقرار القانون وصوّت عليه في مجلس النواب أن ينقلب عليه بهذه السهولة، وكيف يمكنه أن يبرّر رفضه اليوم لما اعتبره بالأمس خطوة إصلاحية ودستورية، والحقيقة أنّ ما يجري لا يرتبط بمسائل تقنية أو لوجستية كما يُحاول البعض تبريره، بل بمصالح انتخابية ضيّقة تسعى إلى إبقاء المنتشرين رهينة اصطفافات الداخل بدل أن يكون لهم قرارهم الحرّ والمستقلّ

وفي مقابل هذا النهج التعطيلي جاء موقف رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ليقدّم حلاً متوازناً وعملياً يضمن حقّ المنتشرين ويحترم في الوقت نفسه مبدأ المساواة بين اللبنانيين، عبر اقتراح منح المنتشر حرّية الخيار بين التصويت لنواب الدائرة ١٦ أو المشاركة في انتخاب نواب من دوائر لبنان الداخلية، فهذا الطرح لا يلغي أحد الحقوق بل يوسّع الخيارات ويكرّس مبدأ المشاركة الطوعية بما ينسجم مع روح القانون وحقوق المغتربين الدستورية

ما يحتاجه لبنان اليوم ليس مزيداً من المزايدات السياسية أو الانقلابات على القوانين عند تغيّر المصالح، بل احترام النصوص الدستورية وإرادة المنتشرين الذين يشكّلون ثروة وطنية لا يجوز التعامل معها كأرقام انتخابية، فالقانون وُضع ليُطبَّق لا ليُعطَّل، والحقوق تُصان بالتزام المبادئ لا بتبديل المواقف

الدائرة ١٦ ليست تفصيلاً انتخابياً بل هي ترجمة حقيقية لفكرة الدولة العادلة التي تساوي بين أبنائها أينما وجدوا، ومن الواجب على جميع القوى السياسية، وفي طليعتها تلك التي شاركت في صياغة القانون، أن تتحمّل مسؤولياتها وأن تتخلّى عن ازدواجية المعايير، لأنّ الثقة بين المواطن والدولة لا تُبنى على نقض العهود بل على احترامها .

موقع التيار - قراءة الخبر من المصدر



كل المصادر

جريدة الأخبارروسيا اليومبي بي سيموقع التيارالوكالة الوطنية للإعلامقناة المنارموقع الضاحية الجنوبيةمجلة سيدتيGreenAreaصيدا أون لاينالجزيرةاللواءصيدا تي فيakhbar4allأرب حظهافينغتون بوستثقف نفسك24.aeقناة العالم الإخباريةسيدر نيوزموقع القوات اللبنانيةأنا أصدق العلمسبوتنيك

النشرة المستمرة