تركيا في عين العاصفة: الاحتجاجات تهوي بالليرة والأسهم



تشهد تركيا زلزالًا سياسيًا واقتصاديًا عنيفًا بعد اعتقال رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، وهو أحد أبرز وجوه المعارضة للرئيس رجب طيب أردوغان. هذه الخطوة أشعلت فتيل الاحتجاجات في عدة مدن تركية، وأحدثت موجات من التوتر السياسي والاقتصادي، ما أدى إلى انهيار الأسواق المالية التركية بشكل غير مسبوق منذ أكثر من عقد.   ضربة قوية للأسواق: أرقام مقلقة وخسائر قياسية الانعكاسات الاقتصادية لهذه الأزمة جاءت سريعة ومدوية. فقدت البورصة التركية 67 مليار دولار خلال ثلاثة أيام فقط، متأثرة بانخفاض مؤشرها العام بأكثر من 15 بالمئة، وهي أكبر خسارة تتعرض لها منذ أزمة انهيار بنك "ليمان براذرز" في 2008.   67 مليار دولار خسائر بورصة إسطنبول في أسبوع الليرة التركية لم تكن في منأى عن هذا التدهور، إذ سجلت أسوأ أداء أسبوعي لها في عامين، وهبطت إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، ما دفع البنك المركزي التركي إلى التدخل بضخ 26 مليار دولار لمحاولة وقف النزيف المستمر. ورغم هذه الخطوة، لا تزال الشكوك تحيط بمدى قدرة الحكومة على استعادة ثقة المستثمرين في ظل التوتر السياسي المتصاعد.   الأزمة أكبر من الاقتصاد وحده يرى أستاذ العلاقات الدولية، سمير صالحة، خلال حديثه لبرنامج بزنس مع لبنى على سكاي نيوز عربية أن ما يحدث في تركيا اليوم ليس مجرد أزمة اقتصادية عابرة، بل هو انعكاس مباشر لحالة الاستقطاب السياسي الحاد بين الحكومة والمعارضة.   صالحة يؤكد: أزمة تركيا تتصاعد وكل السيناريوهات مطروحة وقال: "لا يمكن الفصل بين ما يجري سياسيًا في الداخل التركي وبين التداعيات الاقتصادية لهذه الأزمة. الأوضاع الحالية تُظهر بوضوح أن الاستمرار في التصعيد سيؤدي إلى مزيد من التدهور الاقتصادي والمالي."     كما أكد صالحة خلال مداخلته أن التدخلات الحكومية لوقف تدهور الليرة والأسهم، رغم ضخامتها، ليست حلًا طويل الأمد، موضحًا أن: "الحكومة والبنك المركزي يحاولان احتواء الأزمة بضخ سيولة مالية وإجراءات بنكية، لكن هذه الخطوات تظل مسكنات مؤقتة. ما لم يكن هناك استقرار سياسي وحوار جاد بين الحكم والمعارضة، فإن الأسواق ستبقى عرضة للمزيد من التقلبات الخطيرة."   احتجاجات المعارضة ومخاوف من تشديد قبضة السلطة اعتقال إمام أوغلو لم يكن مجرد قرار قضائي، بل يُنظر إليه على نطاق واسع باعتباره خطوة سياسية تهدف إلى تقويض أحد أقوى المنافسين المحتملين لأردوغان في الانتخابات المقبلة. المعارضة التركية لم تتأخر في الرد، حيث نزلت إلى الشوارع في مظاهرات حاشدة، معتبرة أن ما يجري محاولة لـ"إحكام القبضة على السلطة وتصفية الخصوم السياسيين".   صالحة يسلط الضوء على هذه النقطة، مشيرًا إلى أن المواجهة بين الحكم والمعارضة تزداد تعقيدًا، ما قد يفتح الباب أمام سيناريوهات غير متوقعة، مثل احتمال إجراء انتخابات مبكرة. لكنه يحذر في الوقت ذاته من أن هذه الخطوة لن تكون سهلة، لأن الدستور التركي يفرض قيودًا على توقيت وشروط الدعوة إلى انتخابات جديدة، فضلًا عن أن المناخ السياسي الحالي قد لا يكون مناسبًا لعملية ديمقراطية سلسة.   المستثمرون يهربون.. والاقتصاد التركي في خطر الاضطرابات السياسية والاقتصادية جعلت المستثمرين الأجانب يعيدون النظر في وجودهم داخل الأسواق التركية. عمليات الانسحاب المتتالية من السوق المالية التركية تزيد من حالة عدم الاستقرار، وهو ما يثير قلق الحكومة التركية التي تحاول إرسال رسائل طمأنة للأسواق، لكنها تواجه تحديًا صعبًا يتمثل في فقدان الثقة.   زلزال سياسي في تركيا والفاتورة باهظة يوضح سمير صالحة هذه الإشكالية بقوله: "إقناع المستثمر الأجنبي بالبقاء في السوق التركي ليس أمرًا سهلًا في ظل هذه الظروف. المستثمر يبحث عن بيئة مستقرة، وإذا استمر التوتر السياسي، فمن الطبيعي أن نرى المزيد من الانسحابات من الأسواق، وهذا سيؤثر بشدة على الاقتصاد العام."   إلى أين تتجه تركيا؟ مع تفاقم الأزمة، تتجه الأنظار إلى الخطوات المقبلة التي سيتخذها كل من الحكومة والمعارضة. هل ستسعى الحكومة إلى التهدئة، أم أنها ستستمر في التصعيد لمواجهة خصومها السياسيين؟ وهل تستطيع المعارضة توجيه هذه الاحتجاجات إلى مسار سياسي فعّال دون أن تتحول إلى فوضى؟   الأيام المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مستقبل تركيا، اقتصاديًا وسياسيًا، في ظل استمرار المخاوف من أن يتحول هذا الزلزال السياسي إلى أزمة طويلة الأمد قد تهدد الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للبلاد.

موقع التيار - قراءة الخبر من المصدر



كل المصادر

جريدة الأخبارروسيا اليومبي بي سيموقع التيارالوكالة الوطنية للإعلامقناة المنارموقع الضاحية الجنوبيةمجلة سيدتيGreenAreaصيدا أون لاينالجزيرةاللواءصيدا تي فيakhbar4allأرب حظهافينغتون بوستثقف نفسك24.aeقناة العالم الإخباريةسيدر نيوزموقع القوات اللبنانيةأنا أصدق العلمسبوتنيك

النشرة المستمرة