غزة بين هدنة هشة وأزمة إنسانية خانقة



في أعقاب عامين من الحرب الدامية والدمار الشامل في قطاع غزة، يواجه المدنيون تحديًا إنسانيًا غير مسبوق، حيث تتصارع الحاجة الملحة للمساعدات مع القيود المفروضة على دخولها.

وفي هذا السياق، أكد بيير كرينبول، المدير العام للجنة الدولية للصليب الأحمر، خلال حديثه لـ"التاسعة" على سكاي نيوز عربية، أن فتح المعابر أمام المساعدات الإنسانية أصبح ضرورة عاجلة لإنقاذ الأرواح وتأمين حياة كريمة للسكان.

أضاف كرينبول أن المهمة الأهم الآن تتعلق بتسليم رفات المحتجزين في غزة، وهو ما وصفه بـ"التحدي الهائل" نتيجة الدمار الواسع الذي طال البنية التحتية للقطاع، ما يجعل من كل خطوة على الأرض معركة ضد الزمن والركام.

مرحلة جديدة بعد تبادل الأسرى: شهدت غزة مؤخرًا إطلاق أكثر من 1800 سجين فلسطيني وعودة 20 محتجزا على قيد الحياة إلى أسرهم، وهو ما وصفه كرينبول بأنه "لحظة ارتياح للأسر المعنية". لكن التحدي الأكبر الآن يكمن في تسليم رفات الرهائن، وهي مهمة وصفها المسؤول الإنساني بأنها "صعبة للغاية" بعد عامين من الدمار والفضائع في القطاع.

وأوضح أن "الأطراف المحلية لعبت دورا مهمًا في تسهيل عملياتنا، لكن الدمار الكبير يجعل من الصعب على فرقنا القيام بمهامها، ويستدعي جهودًا مضاعفة لضمان إنقاذ الأرواح وتقديم المساعدات الضرورية".

 

ضغوط متصاعدة.. نصف المساعدات فقط تدخل غزة

في الوقت نفسه، تواجه الجهود الإنسانية ضغوطا كبيرة بسبب القيود المفروضة على دخول المساعدات. فقد أبلغت إسرائيل الأمم المتحدة بأنها لن تسمح إلا بدخول 300 شاحنة مساعدات يوم الأربعاء، أي نصف العدد المتفق عليه، في حين حصر دخول الوقود والغاز لتلبية احتياجات محددة تتعلق بالبنية التحتية الإنسانية فقط.

وأكد كرينبول أن هذه القيود تزيد من تعقيد الوضع، حيث إن المدنيين في القطاع بحاجة ماسة إلى الغذاء والمياه والخدمات الصحية الأساسية، ولا يمكن للفرق الإنسانية الاستمرار في عملها بشكل فعال ما لم يتم فتح المعابر بشكل كامل.

كرامة وحياة قبل إعادة الإعمار

شدد المدير العام للصليب الأحمر، على أن الأولوية الحالية يجب أن تكون لتأمين حياة المدنيين وتلبية احتياجاتهم الأساسية قبل أي حديث عن إعادة الإعمار.

وقال: "الشعب في غزة لا يحتاج فقط إلى جولة جديدة من المساعدات الغذائية، بل إلى السلام والأمن والكرامة، وإعادة الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء والمستشفيات المدمرة".

وأكد أن الوضع الإنساني الراهن يتطلب تركيزا سياسيا وإنسانيا مشتركا من جميع الأطراف، بما في ذلك الشركاء المحليين والدوليين، لضمان وصول المساعدات بشكل فعّال وتقليل المعاناة المتواصلة للسكان.

تحديات مستمرة

وأشار كرينبول إلى أن هناك آلاف الأسر التي لا تزال تبحث عن أحبائها المفقودين أو تنتظر معرفة مصيرهم، وهو ما يسبب "صدمات نفسية واجتماعية طويلة الأمد للأجيال القادمة".

وأضاف: "الأسر تستحق معرفة ما حدث لأقربائها، ويجب أن نأخذ هذه المعاناة على محمل الجد".

وأشار إلى أن المهمة الإنسانية تتجاوز توزيع المواد الغذائية والمساعدات الطبية إلى التعامل مع الأثر النفسي والاجتماعي الكبير الذي خلفته سنوات الحرب، بما في ذلك الأطفال والنساء وكبار السن الذين يعيشون تحت ظروف صعبة للغاية.

وصف كرينبول الفرق العاملة على الأرض بـ"الشجاعة الفائقة"، مشيرًا إلى أن العاملين يقدمون كل يوم خدمات طبية، ويخففون معاناة المدنيين في ظل ظروف مأساوية.

وأشاد بدور الهلال الأحمر الفلسطيني والفرق الدولية الأخرى، مؤكدا أن العمل في القطاع يتطلب "طاقة وتركيزًا كبيرين لتقديم المساعدة لمنع انعدام الكرامة الإنسانية".

وقال: "فرقنا على الأرض مكرسة لتلبية احتياجات السكان، ونحن مستعدون لتعزيز المساعدات بشكل إضافي فور فتح المعابر"، داعيًا المجتمع الدولي إلى دعم هذه الجهود لضمان استمرار وقف إطلاق النار وتحقيق الأمن للسكان.

 

المرحلة القادمة

أوضح كرينبول أن المرحلة القادمة بعد وقف الأعمال العدائية تتطلب تثبيت الهدنة وتحسين وصول المساعدات الإنسانية.

ولفت إلى أن عدم استقرار الوضع الأمني، خاصة في مناطق تسيطر عليها حماس وتنفذ فيها أحيانًا إعدامات ميدانية، يزيد من صعوبة وصول الفرق الدولية.

وقال: "حتى في حال استمرار وقف إطلاق النار، يبقى هناك الكثير من الأمور التي ينبغي القيام بها، بما في ذلك تسليم الجثث المفقودة وتقديم الدعم للأسر التي فقدت أحبائها".

وأضاف: "هذه المرحلة ستحدد مصير جهود إعادة إعمار القطاع ومدى قدرة المجتمع الدولي على تخفيف المعاناة الإنسانية".

اختتم كرينبول حديثه بتوجيه دعوة واضحة إلى جميع الأطراف المعنية: "على الجميع فهم حجم المعاناة في غزة، والعمل بشكل عاجل لضمان استمرار وقف إطلاق النار، وتحسين وصول المساعدات الإنسانية، وإعادة الكرامة والأمل إلى سكان القطاع".

وأكد أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر لن تتوقف عن العمل من أجل تجاوز التحديات الراهنة، موضحًا أن كل خطوة تُتخذ الآن هي استثمار في استقرار المنطقة وفي إنقاذ الأرواح الباقية.

وقال: "الدمار والمعاناة في غزة يفوقان أي تصور، ويتطلب الأمر جهودًا كبيرة من المجتمع الدولي لضمان ألا تتحول الكارثة الإنسانية إلى مأساة دائمة".

موقع التيار - قراءة الخبر من المصدر



كل المصادر

جريدة الأخبارروسيا اليومبي بي سيموقع التيارالوكالة الوطنية للإعلامقناة المنارموقع الضاحية الجنوبيةمجلة سيدتيGreenAreaصيدا أون لاينالجزيرةاللواءصيدا تي فيakhbar4allأرب حظهافينغتون بوستثقف نفسك24.aeقناة العالم الإخباريةسيدر نيوزموقع القوات اللبنانيةأنا أصدق العلمسبوتنيك

النشرة المستمرة