المربّي الراحل الأستاذ عبد الأمير مهنا
سأَلوني: لِمَ لَمْ أَرْثِ أَبي؟ ... ... ورِثاءُ الأَبِ دَيْنٌ أَيُّ دَيْنْ
أَيُّها اللُّوَّامُ، ما أَظلمَكم! ... ...أينَ لي العقلُ الذي يسعد أينْ؟
أنا منْ مات، ومنْ مات أنا ... ... لقي الموتَ كلانا مرتين
نحن كنا مهجة ً في بدنٍ ... ... ثم صِرْنا لوعة ً في بَدَنَيْن
وتبقى فجيعة نيسان عصيّةً على النسيان...
ما أقربهما من يومين! أتطلّ على الدنيا في الخامس منه وترحل في السادس ؟!
ما أسرعه من مرور! كلا، لستَ صفحةً عابرة ً في بيدر العمر لتطوى بصمت.
لا وألف لا، زيت قنديلك ما جفّ بعد ويأبى نضوباً. أبي، لا زلنا نرتشف من معينك الذي ما رددتَ عنه ظمآناً وَرَدَهُ شارباً.
ما عوّدتنا إعراضاً يا أمير القلوب، لا زلنا نتوه حيارى غير مدركين كيف انسلّيتَ من بيننا في لحظة التخلّي المفجعة تلك ؟!
أقفرت الحارة مُذ غاب قمر الشرفة عن كرسيه المعهود لكأنّما ترجّل الفارس عن
صهوة جواده. إلا أنّ رَجْعَ الصّدى وترنيمة الصباحات تتردّد بين ثنايا الجدران.
ألحِملُ من بعدك ثقيل يا أبا هزار، فإرثك تنوء منه الجبال الرواسي وأنّى لمثلي، مهما حاولتُ، أن أكمل عَجز بيت شعر كتبت صدره ومشيت.
ألقصيدة من بعدك بتراء واللوحة باهتةٌ ألوانها تنكّست الريشة فتبعثرت الخطوط.
يا دهر قف ! حرامٌ عليك أن تسلبنا أغلى الغوالي من قبل أن نتملّى من قفيره الذي جنى رحيقه من بساتين الحياة وردةً فزهرة، ولا يزال ينضح عطفاً ومودّةً ورحمة. ويا زمان أبي دعنا على مهلٍ نلتذّ برفقته ومنادمته حتى التملّي.
هيهات هيهات أن الدهر يسمع لي ... ... فالوقت يفلت والساعات تفنينا
قد كنتُ أرجو ختام العام يجمعنا ... ... واليوم للدهر لا يُرجى تلاقينا
آخٍ آخٍ لقلبك الكبير الطيّب الذي ضاق وسعاً من عطفك على جميع من حولك،
القاصي والداني والمخالف والموافق ، فلم تسعفه لا العمليات ولا الجراحات.
أبا هزار،
أنسَيتَ من قبلك وأتعبتَ من بعدك. أصرّيت على وداع مولاك الحسين (ع)
في الوقت الضائع فهنيئاً لك ذلك العروج الطاهر المطهّر. نَم قرير العين لك
الكمال الذي كنتَ طالما تطوق إليه في حركات وسكنات حياتك حتى الثمالة،
فهل إرتويت ؟ أستودعك الله الذي لا تخيب ودائعه والسلام...
لعلّي أفي تلك الأبوّة حقّها ... ... وإن كان لا يوفى بكيلٍ ولا وزنِ
فأعظم مجدي كان أنّكَ لي أبٌ ... ... وأكبر فخري كان قولك: ذا ابني!
تعليقات: