تاريخ شق الطرقات واستجرار المياه الى الخيام الجزء (1)

المهندس عدنان سمور
المهندس عدنان سمور


تمهيد

يمثل النصف الأول من القرن العشرين المرحلة المفصلية التي بدأت تشهد فيها حياة البشر تطوراً هائلاً في كافة مجالاتها وكذلك الأمر بدأت تتطور وسائل عيشهم التقليدية الذين اعتادوا عليها منذ قرون طويلة ، وقد حصلت عملية التطور هذه بشكل متسارع لم تشهده حياة الإنسان من قبل كما كانت شاملة لكل نواحي الحياة من التطور التعليمي إلى الصناعي ثم الزراعي إلى شق الطرقات وتطور وسائل النقل والإتصالات ودخول الماء والكهرباء الى المنازل التي لحقتها الأدوات الكهربائية المنزلية بكافة أنواعها المختلفة التي وفرت الجهود المضنية على الرجال في عملهم وتنقلهم وعلى النساء اللواتي كن يبذلن جهودا شاقة لتأمين حاجات أسرهن من تأمين الماء والغذاء والغسيل والتنظيف والخبز وتحضير المؤونة خاصة أن معدل عدد أفراد الأسرة في تلك المرحلة كان عشرة أفراد أو يزيد.

وكانت الخيام كغيرها من قرى لبنان والمنطقة على موعد مع هذه التغييرات الحيوية التي تحمس لها الناس وخاصة الأجيال الشابة وسعوا إلى الحصول عليها بكل قوة وعزم للإستفادة من الراحة والرفاه والخدمات التي تحققها.


موقع الخيام الجغرافي وأثره في تسريع عملية التطور والتحديث.

مثَّل موقع الخيام الجغرافي المميز نتيجة وقوعها على حدود لبنان وسوريا وفلسطين حافزا وعاملا مساعدا في تسريع وصول الخدمات وتعجيل شق الطرقات إليها وداخلها الأمر الذي تبعه تطور وسائل النقلِ التقليدية المعتمدة.

وقد ساهم هذا الموقع المميز بأن تكون الخيام خط تماس في الحرب العالمية الأولى بين القوات العثمانية وقوات الحلفاء كما شهدت في الحرب العالمية الثانية معارك حربية حاسمة فوق أرضها بين قوات فيشي المدعومة من ألمانيا وإيطاليا وبين قوات الحلفاء القادمة من فلسطين.

كما أنشأت قوات الإنتداب الفرنسية في الخيام عام 1932 ثكنة عسكرية نتيجة القيمة الإستراتيجية التي تتمتع بها البلدة في نفس الوقت الذي بنيت فيه ثكنة مرجعيون وقد تسبب هذين المشروعين في تعجيل جر المياه إلى البلدتين وباقي قرى المنطقة من نبع الجوز في بلدة شبعا بين العامين 1934 و1936 كما تم بناء خزان المياه قرب مدخل الثكنة والذي دمره الصهاينة في عدوان العام 2006 وكان هذا المشروع عملاقا قياسا لتلك الفترة نظرا لطول المسافة ووعورة المنطقة وضعف التقنيات الفنية ومعدات الحفر والردم التي كانت متوفرة في تلك الحقبة كما سرَّع هذا المشروع في حفر الطرقات ورصفها ومن ثم تعبيدها لاحقا لتسهيل تنقلات الآليات العسكرية المختلفة للخدمات اللوجستية والحربية وهذه الآليات مثلت أول مشاهد التطور في وسائل النقل التقليدية التي شاهدها الخياميون وبقية أهالي المنطقة.


شق الطرقات.

يذكر خليل بطرس حشمة أن قوات الإنتداب الفرنسية بدأت بشق الطرق الداخلية في الخيام عام 1927 وكان الجنود الفرنسيون يعملون في صف الأحجار (البلوكاج) لأن هذا العمل أكثر راحة من شق الطريق وتكسير الأحجار ونقلها والتي كان يقوم بها العمال اللبنانيون الذين يستأجرهم مقابل أجر يومي جيش الإنتداب للقيام بهذه المهمة.

يضيف السيد خليل بطرس حشمة أن أول طريق شُقَّت كانت الطريق الرئيسية التي تمر من الحمام إلى جبلة وصولا إلى الجلاحية ثم تتابع إلى الساحة وتستمر قرب بيت الحاج أسعد مهنا حتى تصل إلى بيت القاعوري وبعده تمر قرب دكان عبد الأمير عيسى ثم تمر بين المسجد والمقبرة التي كانت في موقع السنتر الحالي ثم تتجه الطريق شرقا فتمر قرب بيت سعيد حسان وتتوجه بعده جنوبا حتى بيت موسى ذيب.

ويذكر حسين علي إدريس (أبو أكرم) أن الإنكليز قاموا خلال الفترة التي بنوا فيها المستشفى الميداني عام 1942 فوق نبع الدردارة بشق الطريق التي تصل نبع الدردارة بالخيام ورصفوها بأحجار البلوكاج كما يذكر خليل بطرس حشمة أيضا أنه شارك في شق الطريق ورصفها بلوكاج من منطقة الذنيبة قرب حاصبيا مرورا بسهل الخيام وصولا إلى بلدة المطلة حيث كانت كميونات الجيش الإنكليزي في الحرب العالمية الثانية تُحضر معها العمال يوميا من منطقة راشيا الوادي ومحيطها وتعيدهم بعد إنتهاء دوام العمل.

من العمال الخياميين الذين شاركوا في شق الطرقات ورصفها يومها ( سعيد متري – موسى عودة – محمد محسن خشيش – محمد أمين الشيخ علي – حسين أمين الشيخ علي – محمد ذيب عواضة – محمد محسن خشيش – حسين علي إدريس - خليل بطرس حشمة ونعيم رسلان – محمد خاتون)


دخول الإسفلت إلى الخيام.

يذكر محمد علي هيثم (أبو أسعد) أن الإسفلت دخل إلى الخيام في أربعينيات القرن الماضي وكان يشرف على الأعمال رجل مصري يقال له أبو الستة ويؤكد أن دخول السيارات إلى الخيام سبق دخول الإسفلت لذلك كانت سيارات الخياميين تسير على البلوكاج المرصوف في الطرقات في بداية عهدها.

ولا يزال يذكر أبو أسعد عناء العمال بأدواتهم البسيطة كيف كانوا يشقون الأرض الوعرة ثم يحضرون لها الأحجار من مناطق بعيدة على الدواب ثم يرصفونها بلوكاج وتحدلها محادل الجيوش التي كانت تأتي سواء كانت فرنسية أوإنكليزية.


متابعة شق الطرقات .

شهدت الفترة التي إستلم فيها الشهيد الدكتور شكرالله كرم نشاطا بارزا في شق وتوسعة الطرقات الداخلية في الخيام وخاصة الطريق الذي يمر بمحاذاة منزله من جهة الغرب والذي يستمر شمالا قرب بيت منزل الأستاذ حسن طويل وصولا إلى العريض الغربي.

وكذلك الأمر الطريق الذي يمر قرب بيت الحج خليل علي موسى.

وفي سبعينات القرن الماضي تم شق طريق مطل الجبل وكانت طبيعة أرضها شديدة الوعورة وقد إلتزم تنفيذ هذا المشروع علي محمد خشيش (أبو عزات)وإبراهيم خليل سمور (ابو عاطف) الذان استقدما معدات الحفر من زحلة من المتعهد فوزي الحايك ومنير الحايك وقام ببناء حوائط الدعم الساندة للطريق معلمو بناء وعمال خياميون.


في الجزء القادم سنستعرض تطور وسائل النقل في الخيام إن شاء الله.

المصادر

1- خليل بطرس حشمة.

2- حسين علي إدريس (ابو اكرم).

3- محمد علي هيثم (ابو اسعد).

4- إبراهيم خليل سمور(ابو عاطف)


الى اللقاء مع حلقة أخرى من تاريخ تاريخ شق الطرقات واستجرار المياه الى الخيام . على أمل أن نقوم بإغنائها بكل إضافة يمكن أن تقدم لنا من أهل الخيام الطيبين والذين لديهم معلومات تفيد.

* المهندس عدنان إبراهيم سمور، هاتف & واتس: 03/209981

باحث عن الحقيقة

2021/11/20

الآثار التي أنتجها تطور وسائل النقل في الخيام (الجزء3)

تطور شبكة الطرق ووسائل النقل في الخيام الجزء (2)

تاريخ شق الطرقات واستجرار المياه الى الخيام الجزء (1)

مقالات الكاتب المهندس عدنان سمور

تعليقات: