عصام عبدالله يُعيد القنوات اللبنانية إلى رشدها

من تظاهرة في أمستردام أول من أمس
من تظاهرة في أمستردام أول من أمس


تدخل أحداث «طوفان الأقصى» أسبوعها الثاني مع إعلام لبناني وعربي وعالمي يحشر نفسه من الباب الضيّق فيَصل مقسّماً قطعاً غير متجانسة. فقد احتار الكثير من القنوات بين الالتزام بأجندته ومصالحه وبين إرضاء الجماهير الغاضبة على إجرام العدوّ بمباركة وتواطؤ غربيَّين، ما انعكس تخبّطاً في الأداء الإعلامي.

لبنانياً، شكّل استشهاد المصوّر عصام عبدالله نقطة تحوّل في التغطية والتعاطي لدى القنوات المهيمنة. فإذا كان هناك رأي قبل ذلك بأنّ الحرب ليست حرب لبنان ولا شأن له بدخولها، أتت نقطة التحوّل هذه لتبدّد هذا الرأي، وتؤكّد أنّ كيان الاحتلال هو الذي يقحم الآخرين في الحروب، ويتعمّد استفزاز المقاومة، وإلّا ما مبرّر استهداف مجموعة صحافيّين بعيدين عَن أيّ هدف عسكري محتمل للعدو؟

وإذا كان التخبّط من سمة «الجديد» التي لا تمانع استضافة مسؤولين من الإدارة الأميركية على هوائها، ولو حرصت على إظهار أنّها «تواجههم»، فقد برز بعض «الانفصام» لدى LBCI. من جهة عبّرت عن مشروعية المقاومة في فلسطين، ومن جهة أخرى نشرت تقريراً يوم الخميس الماضي بدا كأنّه يهدف إلى نزع المشروعية عن المقاومة في لبنان. تحت عنوان «أشجار الموز تشكّل غطاءً طبيعيّاً لمنصّات إطلاق الصواريخ»، أسهب معدّ التقرير إدمون ساسين في شرح كيف أنّ أشجار الموز والحمضيّات تغطّي سهل القليلة الذي يشكّل مصدراً لصواريخ يمكنها أن تصل إلى الأراضي المحتلّة. ولم يتمّ التعامل مع الموضوع بإيجابية حتّى يقول قائل إنّ هناك احتمالاً بأنّ التقرير يستعرض قدرات المقاومة مثلاً، ما فتح الباب أمام ناشطين على مواقع التواصل لاتّهام القناة بأنّها تقدّم خدمات مجانية للعدوّ، أو أقله تدعو بطريقة ملتوية إلى منع إطلاق الصواريخ نحو الأراضي المحتلّة. لكن كما ورد آنفاً، تغيّر تعاطي القناة مع مبدأ حقّ لبنان المشروع في المقاومة بعد استهداف العدوّ لمجموعة الصحافيّين، ومن ثمّ استهداف منزل في اليوم التالي وإيقاع شهيدَين، كما بدأت LBCI في الأيّام الماضية بفتح البثّ المباشر خارج نشرات أخبارها لنقل مجريات العدوان المتمادي على غزّة.

على ضفّة «تلفزيون المرّ» تغيّرت اللهجة كذلك.

حاولت mtv إظهار نفسها بأداء مهني، معتمدةً أيضاً النقل المباشر من خارج نشرات الأخبار، وباتت تتّكل على عبارات مثل «العدوّ» و«الاحتلال» و«العدوان»، وتتوخّى الحذر في نقل أخبار قد تؤثّر على الوضع العام في لبنان، وخصوصاً بعدما تبيّن عدم صحّة خبر زحمة السير في جونية الذي زُعم بأنّه بسبب هروب الجنوبيّين من المناطق الحدودية، وهو ما نشرته mtv على صفحاتها بعدما أخذته عن «الوكالة الوطنية للإعلام» التي بدورها لم تتوخَّ الدقّة واتّكلت على صفحات متفلّتة معروفة الأهداف. هكذا، راحت مراسلة القناة جويس عقيقي تنقل خلال البث المباشر كيف أنّ سكّان المناطق الحدودية التي تتعرّض للقصف يرفضون ترك منازلهم لأنّهم يفضّلون الموت في الأرض التي هم أصحابها على الفرار، رغم أنّ بعضهم فضّل المغادرة تحسّباً، وأخذت مقابلات من بعض الأهالي للتأكيد على هذه الآراء، وكانت واضحة لجهة إدانة العدو وتحميله المسؤولية عمّا يحصل.

لكن يبدو أنّ سؤالها الأهالي إذا كانوا يقبلون أن تُقصف الأراضي المحتلّة من مناطقهم شكّل استفزازاً، فانتشرت مقاطع لسجال بين عقيقي وشبّان من المقاومة اتّهموا القناة بأنّها تدعم الصهاينة، وقالت عقيقي إنّهم منعوها من التصوير، فانقسم المعلّقون بين داعمين لها ولحرّية الصحافة، وآخرين رأوا أنّ mtv جلبت هذا المصير لنفسها بسبب انحيازها ضدّ المقاومة التي تردع العدو.

تعليقات: