إلى روح الصديق المرحوم صلاح عبدالله

المأسوف عليه الأستاذ صلاح حسن عبدالله (أبو حسن)
المأسوف عليه الأستاذ صلاح حسن عبدالله (أبو حسن)


ماذا عساني أقول في رثائك يا أستاذ صلاح؟

كان رحيلك فاجعة لي شخصيّاً كما لعائلتك وأهلك ومحبّيك.

يتساقط الأصقاء كحبات عنقود العنب؛ بالأمس كان دكتور نهاد مرعي وبعده يوسف عواضة وبعده الفنان محمد شمس الدين وقبلهم الكثير، واليوم جاء دور عزيز عليّ؛ كان صلاح عبدالله أستاذي في المدرسة الرسميّة قبل أن يتحوّل إلى صديق مميّز.

كانت البدايات في الخيام حين قام بإجراء دورات ثقافية فكرية في منزله؛ طلب منّا قراءة كتاب ما والقيام بعرضه أمام الحضور الصغير. إخترتُ كتاب المادّيّة التاريخية في عمر المراهقة وغياب الثقافة العامة! شجّعني هذا الشيء على المطالعة بالحدود الممكنة حينها. أما في المدرسة الرسميّة فكان مدرّساً للغة الفرنسيّة التي كنّا نعاني من ضعف بها مُدمِّر. حاول صلاح إصلاح الأمر بأسلوبه الجميل المبسّط. كان صديقاً لنا في الصف على خلاف الكثير من المدرّسين حينها. هذا الصلاح (اسم على مسمّى) تحوّل إلى صديق ورفيق دائم لي أثناء وجودنا في باريس؛ كنّا نلتقي يوميّاً وأكثر من مرّة كظلّ يرافق شخصه. تعلّمتُ منه الكثير، وقمنا بأمور لا يُمكن أن يتصوّرها إنسان كأن نجتاز محيط باريس p.c راكبين على درّاجتين فوصفنا الباريسيّون بالمجانين؛ كانت مغامرة مذهلة لم يجرؤ عليها الفرنسيّون. أشياء وأشياء كثيرة أتذكّرها كان لها طعم الصداقة والإقدام. رافقني في مسيرتي الفنّيّة في باريس، وشجّعني على المزيد، وكتب عنّي مقالة رائعة في صحيفة السفير، المرحومة بدورها.كنا نتناقش في الفن والثقافة والمستقبل. نُحضّر الطعام سويّة. كان بمثابة الوالد لأهله بعد أن فقد والده وهو صغير، لم يمنعه هذا الشيء من متابعة دراسته في باريس والتسجيل للحصول على الدكتوراه، لكن ّ الظروف لم تعد تسمح بالمتابعة للأسف الشديد. تعرّضتُ إحدى المرات لحادث على درج المترو الباريسي فكانت النتيجة عدم تمكني من الوقوف أو السير على قدميّ لأسبوع كامل. كنتُ وحيداً حينها ، قام صلاح باصطحابي إلى حيث يسكن هو ووالدته أم صلاح (رحمها الله) لتعتني بي كوالدة. كان صلاح أخاً عزيزاً لي ومحبّاً وطيّباً. لن أزيد فأنا الآن طريح الفراش بعد تعرّضي لكسر في الظهر لازمني هذا الفراش مع آلام حادّة زاد منها آلام خبر فقدان صلاح. وللمفارقة العجيبة أني وقعتُ في اليوم الذي هوى فيه صلاح من شجرة الحياة، هذه الحياة القاسية التي تختار الأنقياء المثقفين!

أتقدّم بالعزاء من عائلته وأهله ومحبّيه، وأعتذر عن عدم المشاركة في وداعه بسبب ما حصل معي.

وداعاً أخي صلاح، نفتقدك، لروحك السلام ولتكن الجنة مثواك بعد جحيم هذا الوطن..

يوسف غزاوي

سجل التعازي بالمأسوف عليه الأستاذ صلاح حسن عبدالله (أبو حسن)


مواضيع ذات صلة:

أحمد مالك عبدالله: الخيام تشيّع إبنها المربّي صلاح عبدالله الى مثواه الأخير

الشاعر ماهر العبدالله: إلى روح المربّي صلاح عبدالله

المهندس عدنان سمور: رحيل الاستاذ صلاح عبدالله

الدكتور يوسف غزّاوي: إلى روح الصديق المرحوم صلاح عبدالله

صورة تجمع مجموعة  من الفنانين في أحد معارض الدكتور يوسف غزّاوي في باريس. (الفنان التشكيلي والناقد د. فيصل سلطان  متوسطاً صلاح عبدالله ود. غزّاوي)
صورة تجمع مجموعة من الفنانين في أحد معارض الدكتور يوسف غزّاوي في باريس. (الفنان التشكيلي والناقد د. فيصل سلطان متوسطاً صلاح عبدالله ود. غزّاوي)


تعليقات: