تاريخ التربية والتعليم في الخيام (ج6) رحلة المربي الأستاذ نايف علي مرعي1928 (ج3)

المربيّ الأستاذ نايف علي مرعي والكاتب المهندس عدنان إبراهيم سمّور
المربيّ الأستاذ نايف علي مرعي والكاتب المهندس عدنان إبراهيم سمّور


تمسك أهالي شبعا بالأستاذ نايف.

ظل الأستاذ نايف علي مرعي طوال مدة إقامته في شبعا

يعمل على تقديم طلب نقله إلى الخيام ليعود إلى بلدته، لكن أهالي شبعا المستأنسين بالأستاذ الضيف كانوا يذهبون وبدون علمه إلى المير مجيد إرسلان ويطالبونه بالسعي لإلغاء الطلب ليبقى الأستاذ نايف يدرس أولادهم، وبقي الوضع على هذا المنوال حتى العام 1960 حيث توسط للأستاذ نايف يومها أحد الفعاليات الخيامية حتى قُبل طلبه وعاد إلى الخيام محملا بتجربتين ناجحتين في تأسيس مدرسة في كفرشوبا ومدرسة ثانية في شبعا.


العودة إلى الخيام.

في تلك المرحلة كانت قد بنيت مدرسة البنات في الجلاحية قرب مجمع الإمام الخميني كما بنيت المدرسة المتوسطة في حارة البركة وكانت الخيام قد إكتظت بالطلاب والمدارس التي توزعت على عدة مباني مستأجرة، جميعها كانت بإدارة المربي الأستاذ علي حسين عبدالله الذي كان ينتدب أستاذا يمثله في كل مدرسة من هذه المدارس المنتشرة في ارجاء الخيام.

وعندما إقترب موعد إحالة الأستاذ علي حسين عبدالله على التقاعد كانت قد نشأت حاجة ملحة لإنشاء مدارسة لكل مرحلة تعليمية تكون قادرة على استيعاب الطلاب الخياميين الذين صار عددهم كبيرا جداً. وكانت قد بدأت مناهج التعليم المعتمدة بالتطور والتقدم بناء على حاجة العصر حيث أدخلت المختبرات والمكتبات الى المدارس وصار المعلمون يستخدمون وسائل الإيضاح في شرحهم للدروس ويطور ن اساليب الشرح التي كانت معتمدة سابقا.


قرار إنشاء مجموعة مدارس رسمية في الخيام.

في النهاية طلبت وزارة التربية من الأستاذ عبد الرحمان بيضاوي رئيس دائرة التربية في صيدا التشاور مع الأستاذ علي عبدالله لتفريع المدارس في الخيام وتعيين مدير لكل مدرسة يكون مستقلا في إدارتها فعقد الأستاذان الكريمان إجتماعات مطولة تدارسا فيها هذا المطلب حيث كان رئيس الدائرةةالتربوية يثق كثيرا بخبرة ورجاحة عقل الأستاذ علي حسين عبدالله وفي نهاية إجتماعاتهما رفعا توصياتهما إلى وزارة التربية بهذا الشأن فتقرر على أثرها إنشاء مدرستين إبتدائيتين في الخيام ومدرسة تكميلية متوسطة إضافة لإنشاء مدرسة للبنات في الجلاحية.


ظروف تحصيل شهادة الموحدة.

سعى الأستاذ نايف لتحصيل شهادة الموحدة التي كانت تقام إمتحاناتها في دمشق في سوريا وقد ذهب الأستاذ نايف إلى هناك مع فريق من الشباب الخياميين يومها،كان منهم(كامل خشيش - علي عطوي - حسين خريس وغيرهم) .

يذكر الأستاذ نايف انه استأجر مع رفاقه فور وصولهم إلى دمشق فندق شعبي رخيص ولكن في منتصف الليل ونتيجة وجود البق في الغرف بشكل لا يطاق إضطروا إلى مغادرته وبحثوا عن فندق لائق فوجدوا فندق الأمل (4نجوم)بالقرب من ساحة المرجة نزلوا فيه حيث أقاموا ثمانية عشر يوماً متواصلة،وكان نظام الإمتحان عبارة عن يومي عطلة للتحضير يليهما يوم إمتحان لإحدى المواد الدراسية المقررة وكان مستوى التعليم في لبنان أفضل منه في سوريا لذلك كانت نسبة النجاح في شهادة الموحدة للطلاب اللبنانيين نسبة معتد بها.

ومن ذكريات شهادة الموحدة يذكر الأستاذ نايف مرعي انه كان يذهب برفقة زملائه الى المسجد الأموي القريب من مكان إقامتهم في دمشق للدرس في فنائه حيث المساحة النظيفة الواسعة وحيث البرودة في فصل الصيف ولكن رغم جلوسهم في زوايا بعيدة عن حركة المصلين طلب منهم خادم المسجد مغادرته.

فاضطروا للدرس في الفندق أو في الحدائق القريبة حتى أنهوا إمتحانهم وعادوا بنسبة نجاح عالية جدا.

وفور تحصيل الأستاذ نايف لشهادة الموحدة حملها مباشرة وذهب بها الى صديقه محمود المقدم حيث سلمه إياها.

كان من المرشحين لمنصب مدير المدرسة(الأساتذة علي عطوي خريج مدرسة الفاروق في بيروت وكان من زملائه الذين درس معهم في تلك المدرسة حسين كاظم عطية وسميح ذيب الجلبوط ويوسف عطوي الذي كان حائزا على شهادة الحقوق من بيروت وقد إستلم إدارة المدرسة الإبتدائية في البركة لاحقا. ومن المرشحين للإدارة أيضا الأستاذ عبد الحسين رشيدي وعلي إبراهيم طويل).


نايف مرعي مديرا للمدرسة الإبتدائية الأولى.

تم إستئجار منزل إبراهيم ذيب المحاذي لمنزل الأستاذ عبد الحسين رشيدي واعتُمد مدرسة إبتدائية إستلم إدارتها الأستاذ نايف علي مرعي وكان الناظر فيها الأستاذ محمد يوسف سويد، ومن الأساتذة الذين درسوا في تلك المدرسة (حسين خليل خريس - علي عبد الحسين حيدر - حسن عبدالله حميد - حسن محمد طويل - كامل خشيش - رفائيل القسيس - عاطف أبو عازر - هاني عساف - سهيل يونس - عبد الحسين رشيدي )

إستمرت هذه المدرسة بالتعليم من العام 1966حتى العام 1977.

وقد تم إختيار الأستاذ نايف مرعي لإدارتها بناء على إقتراح من زميله محمود المقدم من بلدة مليخ والذي كان قد تعرف اليه في دورة كشفية سابقة عام 1951 سنذكر تفاصيلها عندما نستعرض تاريخ العمل الكشفي في الخيام في حلقات خاصة لاحقاً إن شاء الله.

لأنه كان قد تم تعيين محمود المقدم مكان عبد الرحمان بيضاوي رئيسا لدائرة التربية في صيدا وهو الذي إقترح على زميله الأستاذ نايف مرعي ان يحصل على شهادة الموحدة لأنها شرط لازم ليتم تعيينه مديرا للمدرسة الإبتدائية المنوي إنشاؤها في الخيام.


إضطراب الأوضاع السياسية والأمنية.

في ستينات وسبعينات القرن الماضي كانت الأوضاع السياسية والأمنية بدأت تتوتر بسبب إغتصاب الصهاينة لفلسطين وتشريد أهلها الذين إضطروا لمقاومة الإحتلال الظالم سعياً لتحرير أرضهم.وكان نصيب لبنان من الإعتداءات كبيرا وخاصة للقرى المتاخمة لفلسطين التي بدأت تتعرض للإعتداءات الصهيونية المتكررة وفي تلك المرحلة تم إنشاء الملاجىء في البيوت والمدارس لحماية الأهالي والطلاب وقل انظباط الطلاب والأساتذة وتأثرت عملية التعليم سلبا بهذه الأجواء. وليس هنا مورد التوسع في شرحها وتبيان تفاصيلها ونسأل الله أن نوفق في حلقات قادمة لتبيانها وتسليط الضوء عليها.

كان الأستاذ نايف يدرِّس مادتي التربية الوطنية والأخلاق فقط ولكافة الفصول وقد إكتسب هذه العادة من استاذ درَّسه سابقاً كان مديرا للمدرسة الرشيدية في صيدا وهو الأستاذ عبد الرحمان البزري الذي كانت تضم مدرسته حوالي ألفي طالب في ذلك الوقت وهذا رقم لا يستهان به،خاصة في تلك الفترة،وقد كان الأستاذ البزري مديرا لمدرسة في القدس قبل قدومه إلى لبنان. وكان الأستاذ نايف علي مرعي متأثرا بأستاذه ومحبا له نظرا لكفاءته ولمناقبه الأخلاقية والسلوكية واسلوبه الأبوي في التعليم والتوجيه والإرشاد حيث كان ينقل خلاصة تجاربه في الحياة إلى طلابه بإخلاص وأمانة ومسؤولية.

تهجير العام 1987.

تسبب احتلال الخيام عام 1978 من قبل الصهاينة وعملائهم بتهجير لكل سكان المدينة الذين إنتقل معظمهم إلى بيروت ومن جملتهم الأستاذ نايف مرعي الذي درس في بيروت في المدارس التالية:

1- مدرسة الغدير الرسمية في منطقة المريجة وكان مديرها الأستاذ نافذ موسى.

2-مدرسة (نور .Ms) في منطقة الغدير قرب المطار بمحاذاة المدرج الشرقي الذي كان يستخدم لإقلاع وهبوط الطائرات وكانت تتعطل الدروس كلما استخدم المدرج نظرا لقوة صوت الطائرات وكان مدير المدرسة يومها الأستاذ فيصل صعب ومن الذين علموا مع الأستاذ نايف في تلك المدرسة الأستاذ علي عبدو عيسى خريس.

4-مدرسة مار انطونيوس في حي ماضي قرب استهلاكية عطية حاليا والتي كان يديرها الأستاذ جان غاريوس ودرَّس في تلك المدرسة من الأساتذة الخياميين أيضا الأستاذ يوسف عطوي.


بعد العودة من التهجير.

في العام 1982عاد الخياميون من تهجير مضني وفي العام 1983 التحق الأستاذ نايف علي مرعي بالمدرسة التكميلية في حارة البركة والتي أصبحت بإدارة الأستاذ علي نعيم خريس ومن الأساتذة الذين كانوا يدرسون فيها يومها الأساتذة ( عبدالله عبد المجيد عبدالله وفايز زلزلة وعبدالله عبدالله)ويذكر الأستاذ نايف انه عندما دخل الى المدرسة تحلق أساتذتها حوله كالأبناء حول أبيهم لان معظمهم كانوا من الذين درسوا عنده سابقا وطلب منهم ان يسمحوا له بتدريس مادتي التربية المدنية والأخلاق كما يحب ويتمنى فوافقوا بكل سرور ومحبة وظل على هذا الحال حتى العام 1993 حيث أحيل على التقاعد.


عرفان بالجميل.

وهكذا نغلق الستار على صفحة مجيدة من صفحات تاريخ التربية والتعليم في الخيام مع الأستاذ المربي نايف علي مرعي الذي ستكون لنا معه محطة أخرى لا تقل غنى عن هذه التجربة وهي تتعلق بدوره الأساسي في تأسيس الحركة الكشفية في الخيام.

وعند كتابة هذه السطور يكون الأستاذ نايف علي مرعي قد بلغ من العمر ثلاثة وتسعون عاماً،

والخياميون الذين يعترفون له بجميله وفضله على ابنائهم وكل الذين تعلموا وتربوا على يديه في كفرشوبا وشبعا وبيروت أيضا يسألون الله له دوام الصحة والعافية والتوفيق.


المصادر.

1-الأستاذ نايف علي مرعي.


الى اللقاء مع حلقة أخرى من تاريخ التربية والتعليم في الخيام. على أمل أن نقوم بإغنائها بكل إضافة يمكن أن تقدم لنا من أهل الخيام الطيبين والذين لديهم معلومات تفيد.


* المهندس عدنان إبراهيم سمور، هاتف & واتس: 03/209981

باحث عن الحقيقة

31/10/2021

موضوع ذات صلة: تاريخ التربية والتعليم في الخيام - الجزء الأول

موضوع ذات صلة: تاريخ التربية والتعليم في الخيام - الجزء الثاني

موضوع ذات صلة: تاريخ التربية والتعليم في الخيام - الجزء الثالث

موضوع ذات صلة: تاريخ التربية والتعليم في الخيام - الجزء الرابع

موضوع ذات صلة: تاريخ التربية والتعليم في الخيام - الجزء الخامس

موضوع ذات صلة: تاريخ التربية والتعليم في الخيام - الجزء السادس

مقالات الكاتب المهندس عدنان سمور

معلّم الأجيال في الخيام والجوار وبيروت، أستاذ الأساتذة، المربّي نايف مرعي
معلّم الأجيال في الخيام والجوار وبيروت، أستاذ الأساتذة، المربّي نايف مرعي


تعليقات: