الجنوب الثالثة: خرق قلعة الثنائي الشيعي مستحيل؟

هدف الثنائي الشيعي هو الفوز بالمقاعد الشيعية الـ27 كلها (المدن)
هدف الثنائي الشيعي هو الفوز بالمقاعد الشيعية الـ27 كلها (المدن)


يخوض الثنائي الشيعي معركة الانتخابات على مستويين، الأول هو الاحتفاظ بالأكثرية النيابية مع الحلفاء، والثاني وهو الأهم بالنسبة إليه، الفوز بالمقاعد الشيعية الـ27، ومنع تحقيق خروقات في مناطق نفوذه التي لم تُخرق سابقاً، وعلى رأسها الجنوب، والدائرة الثالثة تحديداً، التي تُعتبر من أكبر الدوائر الانتخابية في لبنان.

تضمّ دائرة الجنوب الثالثة أربعة أقضية، النبطية، بنت جبيل، مرجعيون وحاصبيا، ولها 11 نائباً موزعين طائفياً على الشكل التالي: 8 نواب شيعة، نائب أورثوذكسي، نائب سني، ونائب درزي، وموزعين على الأقضية على الشكل التالي: النبطية 3 نواب شيعة، بنت جبيل 3 نواب شيعة، مرجعيون وحاصبيا نائبان شيعيان، نائب روم أرثوذوكس، نائب درزي، ونائب سني.

في العام 2018 بلغ مجموع المقترعين 228563 ناخباً، وكان الحاصل الانتخابي الأول وهو الأساسي 20526 صوتاً، وهو ما لم تتكمن أي لائحة منافسة للائحة "الأمل والوفاء" من الوصول إليه، فانخفض الحاصل النهائي إلى 17566 صوتاً.

ست لوائح كانت تتنافس في تلك الدائرة عام 2018، واللائحة الوحيدة التي كانت قريبة من الخرق هي لائحة الجنوب يستحق، والتي شكّلها تيار "المستقبل" برئاسة عماد الخطيب، فحصلت على 17058 صوتاً، وكانت بعيدة عن الخرق حوالى 3500 صوت فقط، يليها لائحة "صوت واحد للتغيير" للحزب الشيوعي التي حصلت على 5895 صوتاً فقط، وهو ما شكّل مفاجأة غير سارة لهذا الحزب يومها، ثم لائحة "القوات اللبنانية" التي حصلت على 4463 صوتاً.

ومن أجل الخرق في دائرة الجنوب الثالثة كان يُفترض أن تتحالف القوى المعارضة للثنائي الشيعي، مشيرة إلى أن تيار "المستقبل" لو تحالف مع الحزب الشيوعي أو القوات اللبنانية في الانتخابات الماضية لكان تمكّن من الخرق عبر مرشحه السني عماد الخطيب. فما هو الواقع اليوم؟


الخرق أصبح أصعب

لا شكّ أن شرذمة الأصوات المعارضة تعني ضياع فرصة الخرق. وحتى اليوم لم تظهر بعد بوادر تشكيل لائحة موحدة لكل القوى المعارضة في المنطقة، ولن تظهر على ما يبدو. وما نشهده هو مجرد ترشيحات لمعارضين مثل حسن بزي وعلي مراد، ونعمت بدر الدين.. وغياب كامل لأي ترشيح سنّي معارض ووازن، وهو الأساس. بالإضافة إلى كون هؤلاء المرشحين لا ينتمون إلى قوى سياسية حاضرة في هذه الدائرة وقادرة على مدّهم بالأصوات.

تعاني أي لائحة من المفترض أن تنافس لائحة حزب الله وحركة أمل في دائرة الجنوب الثالثة من أزمة كبيرة على مستوى الصوتين السنّي والدرزي، فالتوجه العام لدى "المستقبل" في هذه الدائرة هو مقاطعة الاستحقاق الانتخابي، بعد قرار سعد الحريري العزوف عن المشاركة. أما على مستوى الأصوات الدرزية، فلن يكون هناك منافسة ولا حماسة درزية للتصويت، بسبب التوافق بين الرئيس نبيه برّي وطلال أرسلان ووليد جنبلاط على تبني ترشيح مروان خير الدين.

في الدورة الماضية، كانت اللائحة الأقرب إلى الحاصل هي "لائحة الجنوب يستحق"، التي كانت مدعومة من قبل "تيار المستقبل" بشكل أساسي و"التيار الوطني الحر" و"الحزب الديمقراطي اللبناني"، ونال يومها عماد الخطيب 8543 صوتاً تفضيلياً، والمرشح المدعوم من "الديمقراطي اللبناني" وسام شروف 2512 صوتاً تفضيلياً، أي 11 ألف صوت انتخابي، من البيئتين السنية والدرزية، اللتين لن تشاركا بحماسة بالدورة المقبلة، وبالتالي فإن غياب الصوت السني المعارض سيشكل ضربة كبيرة لمن يرغب بتحقيق الخرق في هذه الدائرة، كما أن الصوت الدرزي سيكون بنسبة كبيرة الى جانب لائحة الثنائي.


التعويل على تململ شيعي

يعوّل المعارضون على أمرين، الأول تململ جمهور الثنائي الشيعي من أداء أمل وحزب الله في الملفات المعيشية، خاصة بعد ظهور المرشحين والاعتماد على الأسماء نفسها تقريباً مع تغييرات محدودة، الأمر الذي قد يؤدي الى تسرب بعض الاصوات إلى المعارضة. والأهم انخفاض نسبة الاقتراع، وبالتالي انخفاض الحاصل الانتخابي. والأمر الثاني هو خروج نسبة كبيرة من أصوات جمهور تيار "المستقبل" من عباءة التيار والتصويت لخصوم حزب الله، وكذلك نسبة من الأصوات الدرزية. وفي هذه الحالة، يعود احتمال الخرق في هذه الدائرة. وهنا تبرز أهمية الصوت التفضيلي لدى المرشحين، حيث يخشى بعضهم أن يكون الحلقة الأضعف التي يمكن كسرها.

في هذا السياق تبرز أولاً أسماء المرشحين من غير الشيعة، فهم دائماً الحلقة الضعيفة التي يمكن الخرق عبرها في هذه الدائرة، كذلك الأمر بالنسبة إلى المقاعد الشيعية اللا حزبية، وهنا يبرز مقعد ناصر جابر في النبطية، الرجل الذي يدخل السياسة لأول مرة من باب الانتخابات، وهو المرشح الشيعي الوحيد الذي لا ينتمي إلى تنظيم سياسي في الدائرة، وسيحل مكان النائب ياسين جابر في كتلة حركة أمل.

إن هذه الخشية سيتم مواجهتها حسب مصادر مطلعة على ماكينة الثنائي الشيعي عبر تقسيم الأصوات التفضيلية. وتؤكد المصادر أن سعيها الأول هو لرفع الحاصل ومنع أي خرق، وهي متفائلة للغاية من هذا الموضوع، ومن ثم سيُصار، على عكس ما حصل عام 2018، إلى توزيع الأصوات التفضيلية على المرشحين، من قبل الحركة والحزب، حسب تواجد كلّ منهما، ففي الانتخابات الماضية لم تُولي الصوت التفضيلي أهمية بقدر ما ركزت على أعداد المقترعين. هذا لا يعني، حسب المصادر، أن المرشحين سيحصلون على أعداد متساوية من الأصوات، إنما ما يضمن لهم شرعية شعبية ومعنوية بعد نجاحهم.


"القوات" لا تزال تبحث

وحسب معلومات "المدن"، لا تزال "القوات اللبنانية" تبحث عن حلفاء في هذه الدائرة، وهذا ما لن يكون سهلاً بسبب طبيعة علاقة الجنوبيين بحزب "القوات"، مع العلم أن "القوات" تتحدث أمام من تلتقيهم من هذه الدائرة بأنها قادرة لوحدها على تجيير 10 آلاف صوت، أي حوالى 20 بالمئة من أصوات الناخبين المسيحيين، وبالتالي هي تحتاج إلى حليف قوي لتحقيق الخرق، حيث تعوّل القوات في الدورة المقبلة على انخفاض أعداد المقترعين إلى ما دون الـ200 ألف صوت، بعد أن كان بالدورة الماضية 228 ألفاً.

كما تعوّل "القوات" على أصوات المغتربين، حيث تسجّل حوالى 50 ألف مغترب للمشاركة بالانتخابات. وحسب المصادر المتابعة، فإن نسبة الاقتراع المتوقعة لانتخابات الخارج لن تزيد عن 40 بالمئة. وكما في العام 2018، صوّت 4225 مغترباً في هذه الدائرة، وحصلت لائحة الأمل والوفاء على 3068 صوتاً، أي حوالى 73 بالمئة من الأصوات. وفي الانتخابات المقبلة وحسب أرقام الثنائي، فإن النسبة لن تتبدّل كثيراً. وإذا انخفضت فلن يكون انخفاضاً مؤثراً.

أنهى الثنائي الشيعي دراساته التفصيلية بخصوص هذه الدائرة، وسمى المرشحين. وحسب معلومات "المدن"، فإن الهدف هو إبقاء الحاصل فوق الـ20 ألف صوت. فالأرقام التي انتهت إليها الدراسات الموجودة لدى الماكينات الانتخابية تؤكد أن الخرق في دائرة الجنوب الثالثة شبه مستحيل بالظروف الحالية.


مواضيع ذات صلة:

الإعلان عن لائحة موحدة للمعارضة في دائرة الجنوب الثالثة

من هو ابراهيم عبدالله.. المرشح عن المقعد الشيعي في دائرة مرجعيون - حاصبيا؟

لمحة عن فراس حمدان.. المرشح عن المقعد الدرزي في دائرة مرجعيون - حاصبيا

الأسير المحرر الياس جراده.. مرشح عن مقعد الروم الأرثودوكس في دائرة مرجعيون - حاصبيا

نبذة عن نزار رمّال المرشح عن المقعد الشيعي في دائرة الجنوب الثالثة (حاصبيا - مرجعيون)

بعد إقفال باب الترشّح للانتخابات: 19 مرشحاً عن دائرة مرجعيون - حاصبيا

ترشيح المصرفي المستفِز مروان خير الدين عن المقعد الدرزي في مرجعيون - حاصبيا

الجنوب الثالثة: خرق قلعة الثنائي الشيعي مستحيل؟

تعليقات: