ربما لا تعد هذه الأيام الحبلى بالألم والأحزان من الحجر وفقدان الأحبة مؤاتية لتكتب سيراً لرموز الوفاء في العمل السياسي المباشر ولربما عاب البعض أن تغلب عليه عواطفك فتضعف أمام الأقدار فيما يصح بالرفيق السعيد الضاوي الخيامي المنبت والعروبي المنشأ والفلسطينيي الهوى والإشتراكي الجهد والعمل، ولكن عفواً فلربما أتشارك مع الأكثرية من الرفاق والأصدقاء والمحبين في حزبنا التقدّمي الإشتراكي والحركة الوطنية اللبنانية بأننا متفقون كلنا على صفة واحدة كانت تربطنا بسعيد وهي: ربّ أخٍ لك لم تلده أمك!!
ليس ما قلته مديحاً ولكنها دلالات قربى الروح وسياق توجه العقل معه تختصر بثلاث:
- أولها الحس القروي وما يحمله من قيم وأعباء.
- ثانيها الصدق والوفاء وقد قلّ رصيدهما هذه الأيام.
- ثالثها الإخلاص للناس في كافة مجالات حياتهم ومرامي أهدافهم وحقهم بالعيش الكريم.
ولو طُلب إليك أن تضيف فتقول عنه المتواضع دون كبرياء ولا دونية، فإن كنت مسؤوله فالأمر لأخلاقه وهمته، وإن كان مسؤولك فالأمر لمبادرتك وتجربتك وحسن آدائك...
علاقتي بسعيد الضاوي عمرها خمسون عاماً ففي 13 ت1 1971 باشرت عملي أستاذاً في ثانوية مرجعيون الرسمية، وبعد يومين إتصل بي الرفيق عاصم حسن من مفوضية الداخلية يكلفني بمرافقة رفاقي في المعتمدية للمشاركة في حفل قسم لمنتسبين جدد في الخيام، وهذا ما حصل في 17 منه حيث كان لقاؤنا الأول مع الطليعة الخيامية الجديدة في حزبنا من المناضلين سعيد الضاوي وأمين سويد ومحمد عبدالحسين حيدر ومحمد عبدالله حيدر وحسين وهبي وسواهم من الرفاق، وكان الحوار شيقاً حيث استعاد المحاورون به بداية تأسيس فرعنا الأول في الخيام في 5 ت1 1950 بزيارة تاريخية قام بها المعلّم الشهيد كمال جنبلاط إلى منزل رفيقنا الأديب والشاعر المرحوم كامل عبدالحسين العبدالله...
مشوار الخيام مع الرفاق في معتمدية حاصبيا كان له تأثيران متضادان في حياتي المهنية في ثانوية مرجعيون وهي يومها الثانوية الوحيدة في قضائي مرجعيون وحاصبيا والمئات من طلابها يأتون من حولا وصولاً إلى شبعا وحاصبيا والخيام، ففي الوقت الذي أنس لوجودي ومعرفة هويتي طلاب اليسار وهم الأكثرية، كان الحذر من تحركاتي يزعج طلاب اليمين ويعدّون علي الخطوات...
رحلتي مع سعيد الطويلة والغنية كانت على امتداد الوطن مع جيل من المغامرين وأبناء الفقراء آمنوا بخريطة للمستقبل وضع عناوينها وسبل تنفيذها المعلّم الشهيد، ويشرفني أن أشير إلى أربع محطات مضيئة من العمل المشترك مع سعيد ومفوضيتي الداخلية والتعبئة الشعبية.
1- المشاركة في مهمة الإرشاد السياسي في الجنوب بدءاً من آب 1976 وما تلاها وكنا بجهد مباشر على امتداد الساحة الجنوبية مع الرفاق د. فؤاد شاهين – عباس ذياب- خليل حمدان- سرحان سرحان- إبراهيم فقيه نسبح في بحرٍمن المناضلين الشرفاء.
2- المشاركة مع الرفاق في الحركة الوطنية اللبنانية بأعمال المجالس السياسية الإقليمية لمرجعيون وحاصبيا، وفي أعمال القيادة المشتركة للحركة الوطنية جنوباً في عواصمه من صيدا إلى النبطية إلى صور مع رفاق لا يُنسون من هاني عساف ومجلّي الشماس وحنا سعد وزكي طه وعلي حديفة ومحمد حجازي وعلى الغريب وفارس زويهد وجميل العريان وتوفيق مهنا وفؤاد مرداس بالإضافة إلى قيادات حزبية جنوبية أمثال المرحومين مصطفى سعد وفؤاد المقدم وجوزيف حرب وعلي العبد حسين والأحياء الأحباء محمد فرّان ويوسف خضرا وقاسم صالح والعشرات من فرسان تلك المرحلة.
3- المشاركة في أعمال اللجنة الأمنية الرباعية التي أنشئت بعد وقف إطلاق نار حرب الجبل 25-26 أيلول 1983، بداية مساعدين للمرحوم المقدّم شريف فياض ممثلين لحزبنا وما كان يسمى جبهة الخلاص الوطني من بنك طراد في الشويفات وصولاً إلى ميدان سباق الخيل في بيروت.
4- التعاون الحزبي في تسيير النشاط في معتمديات حاصبيا ومرجعيون وراشيا والبقاع الغربي والأوسط، ومساهمات متواضعة في الجبل السعيد بقيادته وتاريخه وأبطاله، وكم كان المرحوم سعيد مجلياً في الحضور الدائم والمساهمة الفعالة في أنشطة الحزب شمالاً وبقاعاً فهو المواكب اليومي لثلاثة من الرفاق القادة أمناء السرالعام في الحزب المرحومين الأستاذ فؤاد سلمان والقائد المميز أنور الفطايري والمقدّم المقدام شريف فياض.
التعازي الحارة للعائلة الحزينة التي حملت مع سعيد الكثير من أعبائه وأبقت قبل الإستراحة وبعدها بيته مفتوحاً لكل الشرفاء والمناضلين حيث لم يتخل عن عاثرٍ بمد يد وطلب معونة من الرئيس وليد جنبلاط وكافة مساعديه لما يحظى به من ثقةٍ وافرة.
والتعازي لأبناء الأخوة والأخوات والأقارب الذين كانوا يعضدون سعيد ويشدّون إزره موصولة إلى أصدقاء سعيد ومجايليه ومشاركيه ورفاق الدرب الطويل في الحزب التقدّمي الإشتراكي ونادي الخيام الثقافي أيقونة العمل الشعبي الجنوبي إلى منتدى التنمية اللبناني إلى رواد العمل الثقافي الجنوبي في مجلسه الكريم وأمينه العام العزيز حبيب صادق.
سيبقى سعيد صورة مشرقة في البال تهدي للتواضع والعمل المباشر من أجل إنقاذ لبنان. ولا يسعني في النهاية إلا أن أشكر الرئيس وليد جنبلاط ومساعديه رفاقي في الحزب التقدّمي الإشتراكي على الإهتمام اللائق والكبير الذي أولوه للمرحوم في أيامه الأخيرة.
رحمة الله عليك أيها الرفيق السعيد.
* المصدر: anbaaonline
مواضيع ذات صلة:
د. كرم كرم: سعيد الضاوي.. وداعاً!
غاصب المختار: المناضل ابن أرض الجنوب المقاومة، سعيد الضاوي، حمل قيم كمال جنبلاط
ابو فاعور: رحل الرفيق سعيد الضاوي ابن الخيام وحامل عطرها وارثها الوطني
عزت رشيدي: سعيد الضاوي.. زميلنا الذي لن نصدق انه قد رحل
يوسف مرعي: عزاؤنا برحيل سعيد الضاوي، الخير الكثير الذي زرعه في بلدته
الأنباء: سعيد الضاوي يلملم أوراقه ويرحل.. من تخوم فلسطين كانت البداية
علي حماده: التقيت أحياناً في مواقع متقابلة مع سعيد.. دون ان يفسد ذلك للود قضية
وداد يونس: برحيلِكَ «سعيد ضاوي» كُسِرَ جناحٌ من أجنِحَةِ نادي الخيام الثقافي
وداد يونس: برحيلِكَ «سعيد ضاوي» كُسِرَ جناحٌ من أجنِحَةِ نادي الخيام الثقافي
وهبي أبو فاعور: رموز الوفاء.. سعيد الضاوي وداعاً
تعليقات: