أحداث الحرب العالمية الثانية في المنطقة: الفصل السادس.. الإندفاع نحو مرجعيون وجزين

جسر الخردلي قبل التفجير
جسر الخردلي قبل التفجير


في العاشر من يونيو صدرت الأوامر للقوات الأسترالية لاستئناف الهجوم في قطاع مرجعيون على أن تتولى القوة 2/25 مهاجمة قرية إبل السقي والقوة 2/31 مهاجمة بلدة مرجعيون، وعلى ان يتولى كلا الفوجين 2/5 و2/6 العاملين تحت قيادة العميد بيري تأمين التغطية النارية للقوة المهاجمة للبلدة.

في التاريخ المحدد تسللت القوة 2/25 نحو آبل السقي عبر ممرات ضيقة محاذية لجرف حاد يقع عند أطراف القرية، وفي فجر اليوم التالي حاولت تسلق الجرف للوصول إلى القرية دون أن تنجح بذلك، لذلك قرر قائدها الالتفاف حوله شمالاً ليلتقي هناك بفصيلة الملازم بتلر التي سبقته وسيطرت على المكان وغنمت خلال ذلك العدد من الأسلحة والذخائر ومجموعة من البغال مع أسرجتها عددها اثنا عشر بغلاً دون أن يتعرض أي من افرداها لاي إصابة، وبسيطرة القوات الأسترالية على هذا الموقع تمكنت من احكام سيطرتها على الطرق المؤدية شمالا نحو مرجعيون.

في هذا الوقت، جاء الجنرال لافاراك، الذي تولى قيادة القوات المهاجمة لاحقاً، مصحوباً بالجنرال ألن، إلى مقر كوكس لمراقبة سير العمليات في منطقة مرجعيون، كانت الخطة تقضي، في مرحلتها الأولى، أن يتولى العقيد بورتر مهاجمة قريتي الخربة والقليعة تحت تغطية نارية قوية تأمنها له إحدى الكتائب المدفعية لإحكام سيطرته عليهما ومنهما يواصل اندفاعه نحو مرجعيون.

و كما هو مخطط، بدأ الهجوم في تمام الساعة الثانية و النصف صباحاً حين فتحت قواته النار من أربعون مدفعاً دفعة واحدة على طول جبهة عرضها الف ومائة وعشرون ياردة، و بسبب صعوبة التضاريس, لم يتح لقواته التقدم الا على شكل اندفاعات متتالية مسافاتها قريبة لا تتجاوز كل منها مائة ياردة استغرق انجاز كل منها حوالي أربعة دقائق, و استمر تقدم القوات المتقطع على هذا النحو لمسافة ميلين تقريباً بلغ أثنائها عدد القذائف المدفعية المتساقطة عليهم حوالي مائة وثلاثون قذيفة، ما أدى إلى إرداء الرائد المتمرِّس كرويكشانك، الذي كان يقود ميمنة الهجوم، قرب الاسلاك الشائكة المحيطة بالمواقع الدفاعية الفرنسية.

سرعان ما نجحت طليعة الهجوم في اختراق المواقع الفرنسية بعد أن هجرها المدافعون عنها، وعلى الرغم من استمرار تبادل قذائف الهاون والرمايات البندقية، إلا أن المهاجمين تمكنوا حوالي الساعة الخامسة صباحاَ من عبور القليعة والتمركز عند تقاطع طرقها، أما في قرية الخربة فقد إلتحم المهاجمين في معركة ضارية مع حامية القرية مستخدمين القنابل اليدوية والحراب في المعركة أسفرت عن أسر ستة وخمسين جنديا فرنسياً.

كان من المقرر ان تبدأ المرحلة الثانية من الهجوم في تمام الساعة الواحدة ظهراً بمهاجمة بلدة مرجعيون التي كانت تتعرض للقصف، لكن الليوتانت كولونيل دالي، من الفوج الميداني 2/6، اقترح أن يتم التواصل أولاً مع الفرنسيين لدعوتهم للاستسلام، وعليه أرسلت إليهم في الساعة الثانية عشر وخمسة وعشرون دقيقة ظهراً آلية ترفع العلم الأبيض، استمرت محاولاتها بالتقدم لحوالي عشرون دقيقة دون ان تفلح بالوصول الى ثكنة مرجعيون، وعليه أعطي لها أمر بالانسحاب قبل تمكنها من تحقيق هدفها.

في هذه الأثناء, و بعد استشارة بورتر, ألغى الليوتانت كولونيل أوبراين خطة القصف, و أرسل الى جناحه الأيسر من يبلغه بالمستجدات, لكنه وجدهم قد باشروا بالتقدم في الوقت المحدد، لذلك ضم دالي قواته اليهم و تقدما معاً نحو الثكنة التي وجداها مهجورة, بعدها بدأ بعض المدنيين، من اهالي بلدة مرجعيون، بالخروج من مخابئهم ملوحين بالأعلام البيضاء وأبلغوا المهاجمين بان الجنود سبق لهم وغادروا المكان, و بما ان الطريق الى البلدة كان مليئاً بالالغام, فقد تم تكليف فوج الهندسة و طليعة المشاة بقيادة فلينت والرقيب جايلز بإزالتها.

ومرجعيون هي بلدة عصرية، معظم سكانه من مسيحيي الكنيسة الأرثوذكسية، وقد رحب اهاليها بقادة الوافدين الجدد، العميد بيري والجنرال ألن والعميد كوكس، بعدها تسلم هؤلاء البلدة رسميا من الأهالي بعد ان أُمْطِروا ببتلات الورد وهم يحاولن شق طريقهم عبر شوارعها الضيقة، وعندما وصول القوات المهاجمة إلى وسط البلدة، نُكِّسَ علم لبنان على ساريته.

في هذا الحين وجدت القوات المهاجمة التي دخلت ثكنة مرجعيون كميات من الإمدادات الطبية داخل مستشفاها المليء بالقذارة، كما وجدوا الكثير من المؤن والاسلحة القديمة والأمتعة الخاصة بالجند مكدسة في مخازن للعدة واللوازم، لكنهم لم يعثروا على أي جندي هناك.

في مساء الحادي عشر من حزيران كان الموقف العسكري على الجبهة على النحو التالي:

_ القوة 2/25 تتمركز شمال إبل السقي.

_ القوة 2/33 تمركزت شمال بلدة الخيام.

_ القوة 2/31 انتشرت داخل بلدة مرجعيون.

ظهراً، سيطرت فصيلة من فوج الهندسة تحت قيادة فلينت على الجسر الكائن فوق مجرى نهر الليطاني جنوب غرب مرجعيون، و قد وجد المهندسون ان الجسر التاريخي الذي كان مبني عليه قد دمر تماماً، كما وجدوا على بعد نصف ميل منه حفرة كبيرة وسط الطريق نتجت عن تفجير عبوة ناسفة كبيرة في وسطه، وبما أنه كان لا بد لمركبات خبراء الألغام من سلوك هذا الطريق للتمكن من الوصول إلى الساحل جنوب صيدا، فقد باشر المهندسون اعمال بناء جسر حديدي مؤقت على النهر مستغلين وجود صخرة كبيرة وسط مجراه وجعلوها نقطة ارتكاز لطرفي الجسر البالغ طول كل وصلة منه حوالي اثنان وثلاثون قدماً.

وفي الثاني عشر من شهر حزيران، ونتيجة للإبطاء الحاصل على تقدم القوات الناتج عن المقاومة التي واجهوها في قطاع مرجعيون، والمعوقات اللوجستية الاخرى على طريق الليطاني صيدا، قرر الجنرال لافارك دفع اللواء 25 شمالا لسلوك الطرق الجبلية المتعرجة المؤدية الى بلدة جزين، على ان تنحدر من هناك نحو صيدا بهدف دعم القوات المتقدمة على خط الساحل بقيادة ستيفنز، كما قرر ان يبقي كل من الكتيبة 32 وفوج من الخيالة وسرية مشاة وبطارية مدفعية في قطاع مرجعيون كي تتولى الدفاع عن البلدة، على ان يمسك الخيالة بمداخل البلدة عبر تمركزهم على مساري التقدم الالتفافيين (A) و (B).

في ليلة الحادي عشر من حزيران، أُمر قائد سلاح الخيالة الإسكتلندي، اللوتانت كولونيل تود، بملاحقة فلول قوات العدو المنسحبة نحو زحلة، كان على تود التحرك انطلاقاً من المسارين (A) و (B)، لذلك كلَّف الرائد موريسون، من سلاح الخيالة الأسترالي السادس بقيادة القوة المكونة التي تقع تحت أمرته والمؤلفة من ثلاث مصفحات وبعض ناقلات الجند ومدفعين، بالتقدم على المسار الاول (A)، كما كلفت قوة ثانية بقيادة الرائد ماك آرثر-أونسلو بالتقدم على المسار (B).

كان جنود الخيالة متحمسين جداً للانخراط في قتال مشابه لما خاضوه في ليبيا، لكنهم ما ان بدوءا تحركهم على هذين المسارين حتى تعرضوا لهجوم صاعق من ست طائرات فرنسية.

اضطر موريسون لإبطاء تقدمه بعدما صادف عرقلة ناتجة عن وجود فجوة عميقة في الطريق ناتجة تفجير عبوة كبيرة وضعها الفرنسيين فيه في موقع يحاذي منحدر سحيق، وقد استغرق منه الأمر حوالي أربع ساعات لردم تلك الفجوة، وما ان انتصف النهار وهمَّ بمتابعة المسير، حتى تعرض لوابل من القذائف وزخات الرصاص انطلقت عليه من عدة اتجاهات ما أدى تقريباً الى تدمير كامل آلياته.

في هذه الأثناء، ومان أن تحرك أونسلو ووصل إلى تقاطع قريب من هضبة بلاط، حتى تعرض بدروه لنيران مدفعية وقذائف هاون دقيقة أدت الى إصابة احدى ناقلات جنده.

بذل أونسلو جهداً كبيراً للرد على العدو، لكن سرعان ما اتضح له أن العدو محكم السيطرة على أرض المعركة من مواقعه التي تحصن فيها شمال تلال برغز.

في اليوم التالي صمم تود، وبعد حصوله على تعزيزات جديدة من ناقلات جند بديلة عن تلك التي تعرضت للإعطاب، على متابعة تحركه على المسار (A)، أما أونسلو فقد توصل الى خلاصة أن مثل تلك الخطوة كانت شبه مستحيلة لما واجهه طوال الثاني عشر والثالث عشر من حزيران من مقاومة شرسة من القوات المعادية المتحصنة في مواجهته على المسار (B) رغم الاسناد القوي من مرابض المدفعية المتمركزة في مرجعيون، كان واضحاً ان العدو مصمماً على الاحتفاظ بمواقعه الممتازة المتحكمة بذاك المسار خصوصاً بعدما كررت الطائرات الفرنسية قصفها لتلك الطرق.

في هذا الوقت، وحوالي الساعة الثانية والنصف ظهراً، نجحت فوج الهندسة في اتمام الجسر الحديدي على الليطاني ما أتاح لناقلات الجند لعبوه ثم اتخاذ مسار محاذي بقصد الوصول الى موقع الربط بين الكتيبتين 21 و25.

أظهرت الخرائط وجود طريق واحد يصل بين مرجعيون وجزين، وكان هذا الطريق يلتف حول سلسلة من الجبال شديدة الانحدار، وكان من الواضح ان لدى العدو إمكانيات كبيرة لإعاقة تحركهم عليها في حال سلوكهم له، رغم ذلك تلقى فوج تشيتشاير يوماني أوامر بالتقدم لمسافة خمسمائة ياردة لاستكشافه، وقد أفاد هؤلاء أنه توجد إمكانية لسلوك الطريق من جهته الجنوبية، وعليه دفع إليه كوكس مجموعة من الجنود من الكتيبة 2/31 معزز بمفارز قوية من سلاح الخيالة والمدفعية والهندسة للسيطرة على ثلاث مواقع محاذية لذلك الطريق وهي:

_ الأراضي المرتفعة جنوب الريحان.

_ مرتفعات كفرحونة.

_ أخيرا جزين نفسها.

في الوقت نفسه أعطى أوامر جديدة لفوج تشيشاير للتحرك شمالا عبر زحلتا إلى طريق جزين - صيدا ليقيم اتصال مع اللواء 21، على ان يلي ذلك التحاق رتل اللواء بأكمله بهم.

في الساعة التاسعة مساء من الثالث عشر من جزيران، بدء تحرك الكتيبة 2/31، بقيادة فرقة من سلاح الخيالة الأسترالي التاسع على طول الطريق الضيق المتعرج المؤدي إلى جزين، وقد استعين لهذه الغاية بشاحنات حمولة ثلاث أطنان، زودتهم بها شركة بريطانية، لنقل القوات التي سلكت طوال الليل الطريق بدون اشعال أضوائها، وقد اضطرت تلك الشاحنات أكثر من مرة لتكرار محاولاتها للالتفاف حول بعض المنعطفات الحادة أكثر من مرة لتخطيها، وكان لا بد أيضاً من فك عربات المدفعية وقطرها بواسطة سواعد الرجال لتخطي تلك المنعطفات، كما اعيق سير الاليات أحياناً كثيرة بسبب تدفق مياه الجداول الجبلية على الطريق الى حد ان واحدة من تلك الاليات انقلبت بسببها.

زاد من الصعوبات التي واجهتها تلك القوة عدم توفر مرشد محلي ذو دراية كافية بالطريق، ما أدى الى تأخرهم حوالي ساعتين إضافيتين لحين عثورهم على المنعطف الصحيح المؤدي الى صيدا، وخلال هذه العملية ضلَّت بعض الاليات طريقها، ما دفع بآمر القوة لإرسال من يعيدهم الى المسار الصحيح.

كان هناك منعطف آخر شديد الصعوبة قرب الجرمق، وقد اضطر فوج الهندسة للعمل لأكثر من ساعتين للتمكن من تسهيل عبور الآليات الثقيلة حوله، وكان هؤلاء لا يزالون يكافحون لتخطي ذلك المنعطف حين وافتهم طلائع رتل اللواء بعدما انطلق من مواقعه حوالي الساعة الواحدة صباحا.

في الواقع لم يكن من الحكمة جعل سلاح الخيالة الميكانيكي يتقدم الرتل على هذا مسار جبلي، فقد كان عمل هذا السلاح بطيئاً ومعيقاً لتقدمه كلما تعطلت مركبة مجنزرة، ما دفع بورتر في إحدى المرات لدفع دبابة متعطلة الى جانب الطريق لإتاحة الفرصة امام الرتل لمتابعة التقدم.

وبحلول فجر الرابع عشر من حزيران، بلغت طلائع الرتل كفرحونة، وهناك استقبلتهم النساء المحليات المتجمعات في الشارع بالترحيب والهتاف، الا ان طليعة القوات ما لبثت ان لوابل من طلقات المدفعية المتمركزة على التلال الواقعة خلفهم، وما ان أزيحت الآليات التي اعطبت حتى واصل الرتل تقدمه نحو التل الأخضر المسيطر نارياً على جزين، وهناك أبلغ جنود الاستطلاع قائد الرتل عن وجود مواقع حصينة للعدو امامهم مباشرة.

في هذا الوقت، وعلى بعد حوالي ثلاثة أميال جنوب بلدة جزين، تعرض بورتر للإصابة برصاصة في فخذه، لكنه أصر على القول بغضب أن الجرح ليس بخطير وأصدر أوامره لإحدى الفصائل للعمل على تحديد موقع العدو بدقة، وما ان تلقى تقريرها وناقشه مع بريمان قائد المدفعية، حتى أعطى أوامره بالهجوم تحت غطاء قصف مدفعي كثيف غطى مسار التقدم الذي بلغ حوالي ألف ياردة.

صمد المدافعون من القوات الفرنسية المتحصنون في مواقعهم الكائنة على النتوء الصخري المواجه للتل الأخضر رغم انهمار قذائف الهاون ومدفعية المورتر عليهم.

كان التل الذي تمركز عليه بورتر متدرج بحيث يبلغ عرض كل مصطبة منه حوالي عشر ياردة وارتفاعها حوالي ثلاثة أقدام، وكانت مزروعة بكروم العنب والأشجار، وما ان بدأ الهجوم الفعلي في الساعة السادسة مساءً، حتى اندفع جنوده إلى أسفل التل كالنمل وهم يقفزون من مصطبة الى أخرى بسرعة مع مراعاة الانتشار الجيد على طول مسار الهجوم، وقد أتاح الغطاء الناري للكابتن روبسون ورفاقه بلوغ الطريق الرئيسي دون وقوع أي إصابات بين صفوفهم رغم امطارهم من قبل العدو بوابل من القذائف وزخات كثيفة من الرصاص.

كان من العوامل الرئيسية لتحقيق هذا النجاح هو الامر الذي أصدره بورتر إلى الملازم هامون، قائد فصيلة الرشاشات، لإطلاق النار بلا هوادة على العدو دون التقييد بالأساليب التقليدية المتبعة للتحكم بإطلاق النيران خصوصاً من بنادق فيكرز، ما أدى الى إسكات النيران المعادية على رغم شراسة مقاومتهم.

ولا بد هنا من الإشارة الى العمل البطولي الاستثنائي الذي قام به الجندي لوف لوحده، وهو من عناصر هيوستن، فبعدما لاحظ وجود مجموعة من الجنود الفرنسيين على جانبه الايسر، أمطرهم بزخات من الرصاص من مدفعه الرشاش، ثم قام بمطاردتهم لوحده الى ان قتل خمسة منهم ببندقيته وحربته، وقد أدت هذه المواجهة الى سقوط اربعة من رفاقه وإصابة ثمانية آخرين.

أما في أسفل التل، حيث كانت الأرض سهلية بعرض لا يقل عن مئة ياردة، فقد نجح الجنود المندفعين جرياً على الاقدام نحو مواقع العدو الحصينة التي امطرتهم بزخات كثيفة من الرصاص أوقعت في صفوفهم خسائر كبيرة، بالصعود الى قمة التل المقابل المشرف على جزين وبلوغ قمته، ومن موقعهم الجديد شاهدوا مجموعة من الجنود الفرنسيين، يتراوح عددهم بين ثمانية إلى اثني عشر خيال، يحاولون اللوذ بالفرار على صهوة جيادهم، فأطلقوا عليهم النيران من مسافات لا تقل عن ثمانمائة ياردة دون أن يحققوا فيهم أي اصابات.

بعد هذا النجاح المبهر، قرر بورتر ، رغم مضي حوالي أربعة وعشرون ساعة على رجاله دون طعام أو نوم، اقتحام المدينة، وبالتالي أعطى أوامره للسرايا الخلفية للتقدم اليها ودخولها، كان على هؤلاء العبور أسفل هضبة شديدة الانحدار لدرجة أنهم وجدوا أنفسهم مضطرين إلى التزاحم على طول الطريق والتأرجح على فروع شتول الكرمة واغصان الأشجار، والسقوط معظم الأحيان، في سبيل وصولهم الى مدينة جزين.

تمكن المهاجمون من دخول المدينة حوالي الساعة الثامنة والنصف مساءاً دون مواجهة أي مقاومة، بل انهم عثروا في شوارعها على مجموعة تائهة من الخيول التي خلَّفها الجنود الفرنسيين.

رافق بريمان الفصيلة الأسترالية المتقدمة داخل المدينة بقيادة الرائد غاردنر، وقد استقبل الأهالي القوات المنتصرة بالترحيب وقدموا لهم الخبز والماء، وفي مقر الشرطة قدموا لهم أيضاً النبيذ المنتج محلياً، كذلك المزيد من الطعام.

بعد هذا النصر، تم نشر بعض الدوريات على المرتفعات المحيطة بجزين خصوصاً لناحية الشرق وعلى الطرق المؤدية إلى الشمال والغرب، وقد عثرت تلك الدوريات على بعض الجنود الفرنسيين التائهين على تلك الطرق فأسروهم، وأثناء الليل تم إرسال وجبات ساخنة إلى جنود المشاة المرهقين والجائعين.

وبسبب الازدحام الذي عانى منه باقي الرتل، تم الإبقاء على الكتيبة 2/25 في الجرمق، ثم تلقى قائد الهجوم تقريراً من فوج تشيشاير أفاد فيه أنهم تمكنوا في الساعة الثالث عشر من حزيران من السيطرة على مزرعة كفرة، لكنهم في الرابع عشر عجزوا عن الوصول الى زحلتا.


ترقبوا الفصل السابع تحت عنوان "الجبهة السورية"


الفصول السابقة:

الفصل الأول: خلفية الصراع على لبنان وسوريا

الفصل الثاني: الإعداد للغزو

الفصل الثالث: اليوم الأول من الغزو

الفصل الرابع: محاولة عبور الليطاني

الفصل الخامس.. الإندفاع نحو صيدا

الفصل السادس.. الإندفاع نحو مرجعيون وجزين

الفصل السابع.. الجبهة السورية

الفصل الثامن.. الهجوم الفرنسي المضاد، الانسحاب من مرجعيون ومعركة الجلاحية

الطريق إلى الخردلي
الطريق إلى الخردلي






تعليقات: